وزيتونة هذه الشجرة ألطف وأنضج، وقيل: هي التي لا تصيبها الشمس قبل الزوال ولا بعد الزوال فيغلظ زيتها وتتغير رائحتها، ولكنها في الظل وزيتها دقيق لطيف ورائحتها طيبة، ويحتمل أنها التي لا تكون في ديار الشرق ولا في ديار الغرب ولكنها في وسط الأرض بالشام فإن الشام منبت الزيتون وموضعه ﴿كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ﴾ تشبيه التشبيه وتمثيل التمثيل كقولك: مثل زيد مثل زينب العذراء التي كأنها الشمس.
﴿فِي بُيُوتٍ﴾ مطروفة الزجاجة والمشكاة أو ﴿يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ﴾ أو ﴿نُورٌ عَلَى نُورٍ﴾ أو تسبح. وهذه (البيوت) هي المساجد ﴿أَذِنَ اللَّهُ﴾ أمر الله ووفقه. وعن ابن بريرة قال: هن أربع مساجد لم يبنهن إلا نبي: الكعبة، بناها إبراهيم وإسماعيل -عليه السلام- فجعلاها قبلة، وبيت أريحا بيت المقدس بناها داود وسليمان -عليه السلام-، ومسجد المدينة بناه محمَّد -عليه السلام- (١)، ومسجد قباء أسس على التقوى (٢) بناه رسول الله -عليه السلام- (٣).
﴿لَا تُلْهِيهِمْ﴾ لا تشغلهم، قيل: هم (٤) قوم في بيوعهم وتجاراتهم يقومون للصلاة عند مواقيت الصلاة، ﴿يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ﴾ في الجوف فلا تقدر تخرج حتى تقع في الحنجرة لقوله: ﴿إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ﴾ [غافر: ١٨]، وقيل: تقلبها عن طبائعها ﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ﴾ [المائدة: ١٠٩] الآية، و (تقلب الأبصار) شخوص أبصارهم أو نظرهم في طرف خفي.
﴿كَسَرَابٍ﴾ شعاع منعكس من وجه الأرض يتلألأ كالماء ﴿الظَّمْآنُ﴾ كالعطشان من العطش، وإنما تكون أعمالهم كذلك لاعتمادهم عليها دون فضل الله ورحمته، ﴿وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ﴾ في المثل دون الممثل به.
﴿لُجِّيٍّ﴾ منسوب إلى اللجة وهي قاموس البحر ﴿إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ﴾ مسند
(٢) ابن أبي حاتم (٨/ ٢٦٠٤).
(٣) (السلام) ليست في ل "ي".
(٤) في "أ" "ب" "ي": (قيلهم).