رسول الله - ﷺ - فيعطون متاعهم رجالًا كانوا يتخلفون من أهل العلة، ومن كان لا يستطيع الخروج مع رسول الله -عليه السلام- (١)، ويستخلفونهم عليها مالًا فقدموا من بعد أسفارهم فشكوا إليهم الحاجة وما أصابهم بعدهم، قالوا: فهلا أصبتم مما في بيوتنا إذا أصابكم مثل ذلك، قال: فأصابوا منها فضاقت من ذلك وقالوا: نخشى أن لا تكون أنفسهم بذلك طيبة، وإن قالوا بألسنتهم ما قالوا، فنزلت (٢).
وعن مقسم: كانوا يكرهون الأكل مع الأعمى والأعرج والمريض لأنهم لا ينالون كما ينال الصحيح، فإن الأعمى لا يبصر جيّد الطعام والمختار، والأعرج ربما لا يتمكن من الجلوس متهيئًا للاستيفاء، والمريض لا يقدر على سرعة الأكل ولا على أكل ممتد لما يعرض له من الألم والعلة فنزلت. فعلى هذين الآية (٣) عامة.
وعن مجاهد: كان رجال زمنى عمي عُرج أولو حاجة يستتبعهم رجال إلى بيوتهم، فإن لم يجدوا لهم طعامًا ذهبوا بهم إلى بيوت آبائهم وسائر المعدودين في الآية، فكره ذلك المستتبعون فأنزل هذه الآية (٤)، مختصة بالمتبسطين في بيوت أهل المعروف والسماحة.
وقال الفراء: ﴿عَلَى﴾ هاهنا مكان (في) أي ﴿لَيْسَ﴾ في ﴿الْأَعْمَى حَرَجٌ﴾ ولا في ﴿الْأَعْرَجِ حَرَجٌ﴾ ﴿وَلَا﴾ في ﴿الْمَرِيضِ حَرَجٌ﴾ يعني في مؤاكلتهم، والعرج في الرجل بمنع عن المشي المستوي ﴿أَوْ صَدِيقِكُمْ﴾ حبيبكم ومؤاخيكم ﴿أَوْ أَشْتَاتًا﴾ جمع شت وهو المتفرق ﴿فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ﴾ كان ابن عمر إذا دخل بيتًا ليس فيه أحد أو بيته وليس فيه أحد
(٢) عزاه في "الدر المنثور" (١١/ ١١٤).
(٣) قريبًا منه عند ابن جرير (١٧/ ٣٦٦)، وابن أبي حاتم (٨/ ٢٦٤٣)، وليس فيه ذكر أسباب النزول.
(٤) عبد الرزاق في تفسيره (٢/ ٦٤)، وابن جرير (١٧/ ٣٦٧، ٣٦٨)، وابن أبي حاتم (٨/ ٢٦٤٥)، والبيهقي (٧/ ٢٧٥).