مغرور مسحور، ألست تعلم أن الله يعلم غيب كل شيء؟ قال: "بلى حقًا يقينًا وأنا على ذلك من الشاهدين".
قال: فإن كنت كما تزعم أنك رسوله فما منعه أن يخبرك أن قريشًا سيقولون كذا وكذا فردَّ عليهم كذا وكذا، هذا لتعلم يا محمَّد أنك قد أتيت بأمر عظيم باطل لا يصبر عليه، يابن عبد المطلب ألست تعلم أن الله يضلُّ من يشاء ويهدي من يشاء؟ قال: "بلى حقًا يقينًا وأنا على ذلك من الشاهدين " قال: أفلا يلين قلوبنا لنصدقك بما تقول فنؤمن لك، هذا لتعلم أنك لتأتي (١) بأمر عظيم، أفلا ألقي إليك كنز من ذهب فتستغني به عن الناس؟!
قال: ثم تكلَّم أمية بن خلف الجمحي فقال: ي ابن عبد المطلب لا عليك ألست تعلم أن الأرض والخلق والجبال كلها لله، فقال رسول الله: "بلى حقًا ويقينًا وأنا على ذلك من الشاهدين" قال: فهلمَّ فاجعل في أرضنا زرعًا وينبوعًا وإنها أرض ضيقة جدبة شديد عيشها بعيد ماؤها، وإلا فأعطنا مالًا نتبعك عليه فإن المال يفتن الناس عن دينهم، فاعطنا مالًا لعلنا نفتتن عن ديننا ونتبع دينك، فإن لم تستطع ذلك فاسند لنا إلى السماء سلمًا نكلم الله ثم نراه، أو ائتنا بالملائكة إن كنت من الصادقين، وإلا فإنا تقدمنا إليك بالمعذرة وإن نراك فقيرًا ضعيفًا إن تعد لمقالتك فَهُلْكٌ، أمعجز الله أن يجعل في الأرض نبيًا من خيرته، أو يبعث من الملائكة من يصطفي، أو يختار رجلًا من القريتين عظيمًا إما من مكة وإما من الطائف، لقد جئت قومك بأمر عظيم أجبنًا يابن عبد المطلب؟!
فقال رسول الله: "إني آمنت (٢) بربي وربكم لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون".
ثم قال عبد الله بن أبي أمية: يابن عبد المطلب أما تستطيع أن تأتي قومك بما يقولون لك (٣)؟ قال: "لا" قال: فاتنا بالله والملائكة قبيلًا حتى

(١) (لتأتي) ليست في "ب".
(٢) (آمنت) من "ب" "ي".
(٣) (لك) ليست في الأصل.


الصفحة التالية
Icon