جحودهم يوم القيامة بقولهم: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: ٢٣] ليكون العذاب الكبير الختم على الأفواه وإنطاق الجلود.
﴿أَتَصْبِرُونَ﴾ أمر كقوله: ﴿قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ﴾ [الصافات: ٥٤]، وقيل: على سبيل الاختصار أي فتصبرون فنثيبكم عليها أم لا تصبرون فيهلككم ويستخلف قومًا غيركم.
﴿لَا يَرْجُونَ﴾ لا يخافون، ويحتمل أنه حقيقة الرَّجاء لأن ضده الإياس، والإياس كفر.
﴿يَوْمَ﴾ نصب على الظرف، ﴿لَا بُشْرَى﴾ لكم بالإياس ودخول الجنة ﴿حِجْرًا مَحْجُورًا﴾ حرامًا محرمًا (١) على سبيل الإيجاب والدعاء.
عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا﴾ (٢) أي وعهدنا إلى ما عملوا من عمل لغير الله في الدنيا فجعلناه في الآخرة هباء (٣)، نقول: بطلت أعمالهم فلم تقبل جعلت كالهباء المنثور، والهباء: ما يدخل من شعاع الشمس من الكوة مقبلًا وقت قيلولة في نصف النهار (٤).
﴿تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ﴾ (٥)، قال الفراء: بالغمام وعن الغمام، كقولك: رميت بالقوس وعن القوس (٦)، فهذا الغمام فوق السماء.

(١) قاله الضحاك بن مزاحم وقتادة. أخرجه الطبري عنهما في تفسيره (١٨/ ٤٢٨). ومنه قول المتلمس:
حنت إلى النخلة القصوى فقلت لها حِجْرٌ حرام ألا تلك الدهاريسُ
[ديوان المتلبس (ص ٨٤) واسمه حميد بن ثور الهلالي].
(٢) (وقدمنا إلى عملوا) ليست في الأصل.
(٣) لم نجده بهذا المعنى عن ابن عباس ولكن روي بمعناه عن الحسن ومجاهد وسعيد بن
جبير وعكرمة. نقله عنهم ابن الجوزي في تفسيره [زاد المسير (٣/ ٣١٧)].
(٤) قاله الخليل والزجاج والجوهري، وهو مروي عن علي بن أبي طالب والحسن ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة [معاني القرآن للزجاج (٤/ ٦٤)، زاد المسير (٣/ ٣١٧)، الصحاح (نثر)].
(٥) في الأصل بدل الآية (السموات).
(٦) ذكره الفراء في معانيه (٢/ ٢٦٧).


الصفحة التالية
Icon