﴿يَعَضُّ﴾ يمضغ وهو الكدم من ذوي الخف، واللسع من الحية، والمراد به التأسف، والمراد بـ ﴿الظَّالِمُ﴾ الجنس أي كل ظالم كقوله: ﴿وَيَقُولُ الْكَافِرُ﴾ [النبأ: ٤٠].
وقال ابن عباس (١) [في رواية الكلبي: نزلت في عقبة بن أبي معيط (٢) وذلك أنه لا يقدم من سفر إلا صنع طعامًا فدعا عليه جيرانه وأهل مكة كلهم، قال: فكان (٣) كثر مجالسة النبي -عليه السلام- (٤) ويعجبه حديثه ويغلب عليه الشقاء، فقدم ذات يوم من سفره فصنع طعامًا ثم دعا رسول الله إلى طعامه فقال: "ما أنا بالذي أفعل حتى تقول" فشهد بذلك، قال: وطعم من طعامه، قال: وبلغ ذلك أُبَي بن خلف، فأتاه فقال له: صبوت يا عقبة، وكان خليله، فقال: لا والله ما صبوت ولكن دخل عليَّ رجل فأبى أن يطعم من طعامي إلا أن أشهد له، واستحييت أن يخرج من بيتي قبل أن يطعم، فقال أبي بن خلف: ما أنا بالذي أرضى عنك أبدًا حتى تأتيه فتبزق في وجهه وتطأ على عنقه، قال: ففعل عقبة ذلك فأخذ رحم دابة فألقاها بين كتفيه، فقال رسول الله: "لا ألقاك خارجًا من مكة إلا علوت رأسك بالسيف" فأنزل.
ثم أسر عقبة بن أبي معيط يوم بدر فقتله ثابت بن الأفلح صبرًا، ولم يقتل من الأسارى يومئذ غيره وغير النضر بن الحارث بن كلدة، ذكره الواقدي.
وعن ابن عباس قال: كان أمية بن خلف صديقًا لعقبة بن أبي معيط وخليلًا، وكان عقبة قد غشي رسول الله حتى كاد يسلم، فلقيه أمية بن خلف فقال: بلغني أنك صبوت واتبعت دين محمَّد، فقال عقبة: ما فعلت، قال
(٢) أخرجه الطبري في تفسيره عن ابن عباس (١٧/ ٤٤٠)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور
(٥/ ٦٨) إلى ابن المنذر وابن مردويه.
(٣) في "أ" "ي": (وكان).
(٤) (السلام) ليست في "ي".