أمية: وجهي من وجهك حرام إلا أن تأتيه فتتفل في وجهه وتبرأ من دينه وتعلم قومك أنك عدو لمن عاداهم وفرق جماعتهم، قال: فخرج عقبة فلما خر نظر في وجهه تفل في وجهه ولم يصب وجه النبي -عليه السلام- (١)، ثم رجع إلى أمية فأخبره فسرَّ بذلك، فأنزل (٢): ﴿فُلَانًا خَلِيلًا﴾ أي ابن خلف (٣).
وقال الزجاج: أبي بن خلف على ما ذكره الواقدي، والظاهر أن ﴿فُلَانًا﴾ اسم مبهم (٤) ينطبق على قرين سر مضل.
﴿لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ﴾ أي الشهادة بالتوحيد والرسالة.
﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ﴾ قيل: قاله رسول الله حين أَيِس من قومه فأخبر الله عنه ﴿مَهْجُورًا﴾ متروكًا، وقال مجاهد: مهجورًا فيه (٥) لأنه قال: والغوا فيه، ويحتمل أنه سيقوله رسول الله في القيامة حين يشهد على أمته بالكفر والإيمان.
﴿جُمْلَةً وَاحِدَةً﴾ والجملة تأليف الأجزاء المتفرقة، تقديره: بل ننزله متفرقًا، أو تقديره: ﴿لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ﴾ أي كالتوراة بل ننزله متفرقًا ﴿وَرَتَّلْنَاهُ﴾ فصلناه.
﴿وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ﴾ اتصالها من حيث اعتبار (٦) وصفهم ما يتمنونه من القرآن أن ننزله جملة واحدة واعتبار ذلك عليهم ردّ الله بعلة معقولة، وهي تثبيت الفؤاد بحفظ القرآن؛ لأن التوراة أنزلت مكتوبة ولم يكن إعجاز
(٢) روى سبب النزول هذا ابن عباس - رضي الله عنهما - والشعبي ومجاهد. أخرجه الطبري عنهم في تفسيره (١٧/ ٤٤٠ - ٤٤١)، وانظر: تفسير مجاهد (ص ٥٠٣)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٨/ ٢٦٨٣).
(٣) أبو نعيم في الدلائل (٤٠١).
(٤) نقله الزجاج في معانيه (٤/ ٦٥)، وابن الجوزي في "زاد المسير" (٥/ ٢٧٧).
(٥) أخرجه الطبري عن مجاهد (١٧/ ٤٤٣)، وانظر: تفسير مجاهد (ص ٥٠٤)، وابن أبي حاتم (٨/ ٢٦٨٧).
(٦) في "أ": (اعتبارهم).