﴿كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ﴾ هو أن يمشي (١) بالليل جوف كل وادٍ ويغيب الأفق، قال (٢) الله تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا﴾ [القصص: ٧١] الآية ﴿ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا﴾ هو انفلاق الصبح ليبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، والصبح من مقدمات ضياء الشمس لا محالة فلا يزال ينبسط وينتشر هذا وينزوي ويستتر هذا إلى أن يفيض الليل كله.
﴿قَبْضًا﴾ سهلًا رفيقًا من غير فزع ولا خطر، وقد بدت الشمس على ظلال الأشخاص بالنهار أيضًا ﴿ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا﴾ إلى حكمنا الغيب.
﴿اللَّيْلَ لِبَاسًا﴾ التشبيه من حيث وقوع التستر به ﴿سُبَاتًا﴾ استراحة في استرخاء ﴿نُشُورًا﴾ أي وقت نشور وانتشار.
﴿مِمَّا خَلَقْنَا﴾ مقدم في اللفظ مؤخر في المعنى لاعتبار نظم الآي ورؤوس الآي ﴿وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا﴾ قال الفراء: أصل إنْسَان إنْسيَان لأن تصغيره أنيسيان (٣)، فالأناسي في الأصل أناسين أبدلوا من نونًا كزبرقان وزباريق، وقيل: جمع إنسان كقرطاس وقراطيس، وقيل: جمع إنسي على النسبة ككرسي وكراسي.
﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ﴾ أي القرآن، وقيل: الماء الطهور (٤).

(١) في "أ" "ي": (يمتلي).
(٢) (قال) من "أ" "ي".
(٣) ذكره الفراء في معانيه (٢/ ٢٦٩).
(٤) من قال إنه المطر هو ابن عباس - رضي الله عنهما - وابن مسعود ومجاهد وابن زيد. أخرجه الطبري عنهم في تفسيره (١٧/ ٤٦٩)، وأما من قال: إن الضمير يرجع إلى القرآن بناء على ذكره في أول السورة حيث قال: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ...﴾ [الفرقان: ١] وقوله: ﴿لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي﴾ [الفرقان: ٢٩] وقوله: ﴿اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا﴾ [الفرقان: ٣٠] كل ذلك يدل على أن الضمير يرجع إلى القرآن. ذكر ذلك القرطبي في تفسيره (١٣/ ٥٧).


الصفحة التالية
Icon