﴿وَجَاهِدْهُمْ بِهِ﴾ (١) أي بالقرآن والكلام دون السيف لأن الآية مكية.
﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ﴾ مرج إشارة إلى ما يتصوره المخاطب في قلبه كأنه ينظر إليه، قال الله تعالى: ﴿هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ﴾ [القصص: ١٥] ﴿مِلْحٌ﴾ ماء فيه ملوحة ﴿أُجَاجٌ﴾ ماء في غاية الملوحة. و (العذب): الماء الطيب، و (الفرات) في غاية العذوبة ﴿بَرْزَخًا﴾ يعني الحواجز الواسعة، ويحتمل أن المراد بالبحرين بحر مجاور للساحل وبحر كمين في الساحل، وقيل: بحر بحرا وبحر قلزم فإن سواحلهما غير محاط بها، وفيه إشارة إلى الدمع الذي فيه ملوحة واللعاب الذي فيه عذوبة، والمملوح الذي فيه قرارة، والحام الذي سخ فلم يفسد شيء بمجاورة غيره، وإلى اللبن الحليب ﴿مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ﴾ [النحل: ٦٦].
﴿نَسَبًا وَصِهْرًا﴾ أي مناسبًا ومصاهرًا يناسب بعضه، لتبقية الألفة وحفظ الأصل وتظاهر بعضه (٢) بعضًا لاستفادة الألفة، وإنشاء النسل.
﴿ظَهِيرًا﴾ معيبًا لمثله على إنكار ربه وتبديل دينه ومعاداة نبيه.
﴿إِلَّا مَنْ شَاءَ﴾ استثناء كقوله: ﴿إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ [الشورى: ٢٣] لأن ذلك يوجب حسن الظن به، وقوله: (وما سألتكم من أجر فهو لكم) أي على زعمكم فهو مردود عليكم ما أريد منكم ذلك، وقيل: المودة في القربى هو لكم أي حظكم ونصيبكم، وقيل: طالبهم بالمودة في القربى ثم ترك واقتصر على المودة في الله.
﴿الرَّحْمَنُ﴾ رفع بإسناد الاستواء إليه أو لتقديره مبتدأ (٣) ﴿فَاسْأَلْ بِهِ﴾

(١) (وجاهدهم به) ليست في الأصل.
(٢) من قوله: (لتبقيه) إلى هنا ليست في"أ".
(٣) يجوز في ﴿الرَّحْمَنُ﴾ أن يكون خبرًا والمبتدأ جملة ﴿الَّذِي خَلَقَ...﴾ ويجوز أن يكون خبرًا لمبتدأ مضمر كما قال المؤلف والتقدير: هو الرحمن. ويجوز أن يكون بدلًا من الضمير في "استوى" أو يكون مبتدأ وخبره الجملة من قوله ﴿فَاسْأَلْ بِهِ﴾ [الفرقان: ٥٩] على رأي الأخفش ومنه قول الشاعر:
وقائلةٍ:
خولانُ فانكح فتاتهم وأكرومةُ الحَيَّيْنِ خِلْوٌ كما هيا
[معاني القرآن للأخفش (ص ١٢٤)، الكتاب (١/ ٧٠)، الدر المصون (٨/ ٤٩٣)].


الصفحة التالية
Icon