﴿ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ﴾ أي اعتزلهم وانصرف عنهم، وقيل: ما فيه تقديم وتأخير: ﴿فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ﴾ ﴿فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ﴾ ﴿ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ﴾. عن ابن عباس عن النبي -عليه السلام- (١) قال: "كرامة الكتاب ختمه" (٢).
وفي قوله: ﴿أَفْتُونِي فِي أَمْرِي﴾ دليل (٣) على حسن المشاورة، وقولها: ﴿مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا﴾ أي ممضية حكمًا.
وفي قولهم: ﴿نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ﴾ دليل على حسن إظهار الجند بأسهم، وفي قولهم: ﴿وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ﴾ دليل على حسن طاعة الرعية للإمام.
وفي قولها: ﴿إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً﴾ دليل على وجوب حسن النظر في عواقب الأمور وتركهم قضية السورة والفورة ﴿وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾ يجوز أن يكون أمر لكلام بلقيس على سبيل التأكيد، ويجوز أن يكون كلامًا مبتدأ من جهة الله على سبيل التصديق (٤)، وعن بعض الملوك أنها احتج بها على بعض النساك فقال: اقرأ الآية التاسعة عشرة من هذه ﴿فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا﴾.
ففي قوله: ﴿وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ﴾ دلالة على صحة امتحان رجال الآخرة ورجال الدنيا بالدنيا.
﴿لَا قِبَلَ لَهُمْ﴾ لا طاقة ﴿بِهَا﴾ ولا يقابلونها بشدة وبأس.
(٢) الحديث أخرجه القضاعي في مسند الشهاب (٥/ ١)، والطبراني في الأوسط كما في المجمع (٨/ ٩٩)، والثعلبي في تفسيره (٣/ ١٢) عن ابن عباس مرفوعًا، قال الهيثمي: فيه محمَّد بن مروان السدي الصغير وهو متروك، وقال العلامة الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة (٤/ ٦٩/ ١٥٦٧) موضوع.
(٣) (دليل) من "ب" "ي".
(٤) جعلها ابن عباس من كلام الله، أخرجه الطبري في تفسيره (١٨/ ٥٢)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٩/ ٢٨٧٧/ ١٦٣٢٨).