﴿عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ﴾ نافر قوي معه حيث وردها، يقال: رجل عفر وعفريت (١).
﴿نَكِّرُوا﴾ غيِّروا، وإنما يوجب نكره وفائدة الامتحان ظهور الفطنة وذكاء القريحة، وإن من كان أخرق في معيشته وعاجلته فأخلق به أن يكون أخرق في ديانته وآجلته، وليس يميز السفيه بين البرهان والتمويه، وعلى هذا تأول الجاحظ قوله: ﴿وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا (٧٢)﴾ [الإسراء: ٧٢] في كتاب المعاش والمعاد غير أنه فاسد لأن من شغله السعير عن الشعير والآخرة عن الأولى وأصبح متألهًا لم يعرف قيم السلع في السوق، وله في التوحيد والفقه رتبة لا يدري مداها ولا يبلغ أعلاها. ﴿وَصَدَّهَا﴾ يعني من شؤم إشراكها صدّها عن صواب القول، وقيل: صدّ سليمان، وهذا خلاف الظاهر.
﴿الصَّرْحَ﴾ البناء العالي كالقصر ﴿مُمَرَّدٌ﴾ ملس، وقيل: مطول ﴿مِنْ قَوَارِيرَ﴾ جمع قارورة وهو الزجاج. ولو شاء سليمان -عليه السلام- (٢) لاطَّلع على ساقيها من غير هذه الكلفة لكن أمر بالاحتيال إكرامًا لها واحتراما إياها وتنبيهًا لها على ما آتاه الله من البسطة والتمكين. وفي الآية دليل على جواز النظر إلى الأجنبية على نية النكاح.
الأولى: القراءة المشهورة "عِفْرِيْت" بكسر العين وسكون الياء بعدها تاء مجبورة.
والثانية: قراءة أبي رجاء وأبي السمال وهي مروية عن أبي بكر الصديق "عِفْرِيَةٌ" بياء مفتوحة بعدها تاء التأنيث المنقلبة هاءً وقفًا ومنه قول ذي الرمة:
كأنهُ كوكبٌ في إثرِ عِفْرِيَهٍ | مُصَوَّبٌ في سواد الليلِ مُنْقَضِبُ |
والرابعة: عفاريةَ.
والخامسة: وهي لغة طي وتميم: عِفْرَى كَذِكْرَى.
والكلمة مشتقة من العفر، وهو التراب، وقيل: من العُفْر وهو القوة، والعفريت من الجن هو المارد الخبيث.
[ديوان ذي الرمة (ص ١١١)، البحر (٧/ ٧٦)، اللسان (عفر)، الدر المصون (٨/ ٦١٤)، تفسير غريب القرآن لابن قتيبة، (ص ٣٢٤)].
(٢) (السلام) ليست في "ي".