﴿بَلْ﴾ للإضراب (١).
(أم) مرتبة على ألف الاستفهام وفيما بعدها بمعنى بل ﴿حَدَائِقَ﴾ جمع حديقة وهي البستان الذي أحدق به البناء، والبناء الذي أحدقت به الأشجار ﴿ذَاتَ بَهْجَةٍ﴾ حسن ونضارة الأرض.
﴿قَرَارًا﴾ موضع قرار كقوله: ﴿وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ﴾ [البقرة: ٣٦]، وقيل: وجعل الأرض مستقرة كقوله: ﴿أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ﴾ [النحل: ١٥].
﴿بَلِ ادَّارَكَ﴾ أم أدرك على سبيل الاستفهام ثم الشك، حقيقة حالهم، ثم العمى لنفي توهم الشك علمًا، فإن الشك جهل وليس بعلم، وقيل: هو كقوله: ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (٤٩)﴾ [الدخان: ٤٩] ثم الشك (٢) والعمى، وقيل: ﴿ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ﴾ إيمان أكثرهم بها على سبيل الإجمال، والشك شك بعضهم والعمى عمى، و ﴿بَلْ﴾ للإضراب دون الاستدراك، وقيل: الكلام على ظاهره والتناقض في أحوالهم المخبر عنها دون الخبر؛ لأنهم أيقنوا بانتهاء الدنيا في أول فكرهم ونظرهم على سبيل البديهة التي هي من قضية الفطرة، ثم شكوا فيها لتمكينهم الشبهات من قلوبهم، ثم عموا عنها باتباع الشهوات بقوله: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ [الأنعام: ١١٠] و (بل) للإضراب.
وقيل: ﴿ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ﴾ حصل لهم بتواتر الأخبار والآيات النبوية، يدل عليه قولهم: ﴿لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ﴾ وشكهم يشككهم على سبيل المكابرة، وعماهم اعتقادهم خلاف العلم الضروري باعتقاد السوفسطائية (٣) (٤) في العالم واعتقاد الروافض في القرآن.
(٢) من قوله (علمًا فإن) إلى هنا ليست في "ب".
(٣) بدل (السوفسطائية) في "أ": (فراغ).
(٤) كلمة "السوفسطائية" يفسرها الفارابي في كتابه "إحصاء العلوم" ص ٢٤:"بأنها اسم للمهنة التي بها يقدر الإنسان على المغالطة والتمويه والتلبيس بالقول والإيهام... " =