وعناكب، والعنكبوت دويبة تنسج نسجًا طبيعيًا وتنصب الحبائل للذباب، وإن كان بيته أوهن البيوت لمعان خمسة؛ إما لكونه (١) شيئًا طبيعيًا غير كسبي فيه من أمارات الفطنة والذكاء شيء، إما لخسة صورته كالهباء، وإما لخسة قيمته وقلة منفعته فإنه لا يساوي شيئًا، وإما لسوء اختيارها مواضع البناء وسوء تهدبها في ذلك، وإما لكون بيته غير ظل ظليل ولا كن كبير ولا حصن حصين.
﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ كونها منافية لهما وجودها، فإنها موقوفة على شرائط فيها: الإيمان المضاد للكفر، والعقد مضاد للكسر، والطهارة المضادة للجنابة المتصورة من الزنا واللواطة، والإنصات للكلام المتصور بهتانًا وغيبة وشتمًا وجدالًا، وترك الأكل المتصور حرامًا، والسترة المضادة للكشف، وترك الفعل المتصور قتالًا.
وفيما روى أبو أمامة قال: قال رسول الله - ﷺ -: "من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم تزده صلاته عند الله إلا مقتًا" (٢).
قيل لسلمان (٣): أي العمل أفضل؟ قال: ذكر الله أكبر (٤).
وعن ابن عباس قال: ذكر الله عند طعامك ومنامك، فقيل له: إن فلانًا يقول غير ذلك (٥)، قال: فأي شيء يقول؟ قال: قال الله تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ [البقرة: ١٥٢] فلذكر الله أكبر من ذكرنا إياه، قال: صدق (٦).

(١) في الأصل و"ب": (لكونهم).
(٢) عن أبي أمامة لم نجده، وإنما ورد عن ابن عباس. رواه ابن أبي حاتم (٩/ ٣٠٦٦)، والطبراني (١١٠٢٥)، وعن عمران بن الحصين رواه ابن أبي حاتم (٩/ ٣٠٦٥، ٣٠٦٦)، والبيهقي في الشعب (٣٢٦٢). ولا يثبت مرفوعًا، والصحيح وقفه على عبد الله بن مسعود.
(٣) في "أ": (لعثمان).
(٤) أخرجه الطبري في تفسيره (١٨/ ٤١٥).
(٥) (ذلك) ليست في "ب".
(٦) ابن جرير (١٨/ ٤١١، ٤١٢)، وابن أبي حاتم (٩/ ٣٠٦٧)، والبيهقي في الشعب (٦٧٤).


الصفحة التالية
Icon