﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ﴾ (١) نصب على المصدر، وأراد بالتسبيح الصلاة المكتوبة (٢).
سأل نافع بن الأزرق ابن عباس فقال: أخبرني بالصلوات الخمس في القرآن، قال ابن عباس: ﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ﴾ المغرب ﴿وَحِينَ تُصْبِحُونَ﴾ الصبح ﴿وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ﴾ الظهر (٣)، قال: ﴿وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ﴾ [النور: ٥٨] دلَّ أن لكل صلاة وقتًا.
وقيل: المراد التسبيح في أدبار الصلوات الخمس على سبيل الندب. عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله: "خلتان هما يسير ومن يعملهما قليل ولا يواظب عليهما مسلم إلا دخل الجنة؛ يسبح دبر كل صلاة عشرًا ويكبر عشرًا ويحمد عشرًا فذلك خمسون ومائة على اللسان وألف وخمسمائة في الميزان، وإذا أوى إلى فراشه حمد الله وسبحه وكبره مائة فذلك مائة على اللسان وألف في الميزان".
قال عبد الله بن عمرو: فلقد رأيت رسول الله (٤) يعقدهن ويقول: "أيكم يعمل في اليوم والليلة ألفي وخمسمائة سيئة" (٥).
﴿وَعَشِيًّا﴾ معطوف على ﴿حِينَ تُمْسُونَ﴾، ﴿وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ كالعارض في أثناء الكلام.
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ﴾ أقام خلقنا من تراب مقام المشاهدات في كونه آية الإلهية بعلمنا الضروري؛ أي أنفسنا هي خلاصة أجسادنا، وأجسادنا خلاصة الأرض من الأرض.

(١) (الله) من الأصل فحسب.
(٢) في "أ": (مكتوبة).
(٣) ابن جرير (١٨/ ٤٧٤، ٤٧٥)، وابن المنذر في الأوسط (٩٣٣).
(٤) في "ب": (رسول الله - ﷺ -).
(٥) أبو داود (٥٠٦٥)، والترمذي (٣٤١٠)، والنسائي (٣/ ٧٤)، وابن ماجه (٩٢٦)، وأحمد (٢/ ١٦٠، ٢٠٤)، والبخاري في "الأدب المفرد" (١٢١٦)، وابن حبان (٢٠١٢، ٢٠١٨) والحديث صحيح.


الصفحة التالية
Icon