والثالث: الأمر بالشكر الذي هو حكمة لقمان.
وإنما لم يكن للوالدين إلا حق المصاحبة في الدنيا بمعروف لأن الولد ليس بفرع للوالدين إلا على حكم المشاهدة، فأما في المعقول فكل مخلوق مفرد بالإنشاء، يقول الله تعالى: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (١٠١)﴾ [المؤمنون: ١٠١].
الضمير في ﴿إِنَّهَا﴾ عماد كما في قوله: ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ﴾ [الحج: ٤٦] وما ثبت قوله ﴿إِنْ تَكُ﴾ (١) لاعتبار الحبة وهذه الآية كقوله: ﴿أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا﴾ [البقرة: ١٤٨] ﴿فِي صَخْرَةٍ﴾ من الصخور، وفي التفسير: المراد بالصخرة السجين وهي تحت (٢) وفيها نسخ أعمال الفجار.
﴿وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ حقيقة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من العلماء بالقول، ألا ترى أن نوحًا وهودًا وصالحًا وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق (٣) ولوطًا وشعيبًا وغيرهم من الأنبياء يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر بألسنتهم.
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله -عليه السلام- (٤): "مروا بالمعروف وإن لم تعملوا به وانهوا عن المنكر وإن لم تنتهوا عنه" (٥) ولأنهم لو لم يفعلوا إلى أن يهذبوا أنفسهم لسقطت الأحكام وخربت دار الإسلام.
﴿وَلَا تُصَعِّرْ﴾ ولا تتكبر على الناس ولا تعرض عنهم تكبرًا ﴿خَدَّكَ﴾ يعني ما تحت الوجنة العارض، ﴿مَرَحًا﴾ شرًا وبطرًا.

(١) في "ب": (إنك لاعتبار).
(٢) المراد بالصخرة التي عليها الأرض فهي تحت الأرض. وهذا قول ابن عباس - رضي الله عنهما -، أخرجه الطبري في تفسيره (١٨/ ٥٥٦).
(٣) في "ي": (إسحاق وإسماعيل).
(٤) (السلام) ليست في "ي"، وبدلها (- ﷺ -).
(٥) الطبراني في الأوسط (٦٦٢٨)، والصغير (٩٨١) عن أنس وسنده ضعيف جدًا.


الصفحة التالية
Icon