فاحتجزت صفية بثوبها ونزلت إليه، فهذه غزوة الخندق على سبيل الاختصار (١).
﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ﴾ قال الكلبي (٢): هذه في مجيء أبي الأعور السلمي منِ أسفل الوادي واعترض إلى أبي سفيان من قبل الخندق ﴿وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ﴾ عبارتان عن شدة الخوف، و (الحناجر) جمع حنجرة وهي رأس الفلصمة.
﴿وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ قال الكلبي: هو رجل واحد معتب بن قشير، وإنما قال ذلك حين أخبرهم بفتح فارس وملك الروم (٣).
﴿وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ﴾ في المتخلفين عن العسكر والزاحفين إلى الحصن والمشيرين على أصحابهم بذلك يريدون به خذلان رسول الله (٤)، فكانوا يعتذرون إلى رسول الله بأن بيوتنا عورتنا (٥) ﴿عَوْرَةٌ﴾ نخاف عليهم السرق، وهم كاذبون فيما يقولون. ﴿يَثْرِبَ﴾ اسم المدينة في الجاهلية سماها رسول الله "طيبة" فكانوا يلحدون إلى الاسم الأول لنفاقهم وبغضهم رسول الله (٤) (٦).

(١) انظر تفاصيل هذه الغزوة (غزوة الخندق) في كل من تفسير ابن كثير (٢/ ٣١٧)، تفسير البغوي (٢/ ٢٥٤)، وابن كثير (٣/ ٤٧٣)، تفسير القرطبي (٢/ ٤٣٥)، صحيح البخاري (٤/ ١٥٠٩)، صحيح مسلم (٣/ ١٣٦٢) وغيرها من المصادر.
(٢) نقل قول الكلبي الرازي في التفسير الكبير (٢١/ ١٧٥)، وذكره القرطبي في تفسيره (١٤/ ١٤٤).
(٣) الذي قال ذلك ليس واحدًا وإنما هم جملة من المنافقين كما رواه الثعلبي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، بل انضم إليهم اليهود في هذا الزعم، ذكر ذلك ابن حجر في العجاب في بيان الأسباب (٢/ ٦٧٥).
(٤) في "ب": (رسول الله - ﷺ -).
(٥) (عورتنا) ليست في "ب".
(٦) ذكر الحافظ ابن حجر في كراهة تسمية المدينة يثرب كما في فتح الباري (٤/ ٨٧)، وذكر حديث البراء بن عازب مرفوعًا عند الإمام أحمد في مسنده: "من سمى المدينة يثرب فليستغفر الله هي طابة هي طابة". كما ذكر حديث أبي أيوب مرفوعًا رواه عمر بن شبة ولفظه: نهى رسول الله - ﷺ - أن يقال للمدينة يثرب. قيل: وسبب هذه الكراهة لأن يثرب إما من التثريب الذي هو التوبيخ والملامة أو من الثرب وهو الفساد وكلاهما مستقبح -قاله ابن حجر-.


الصفحة التالية
Icon