(اليؤوس) القنوط أي ﴿إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ﴾. ﴿لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي﴾ ليسدي الفعل إلى ما لا فعلَ له في الحقيقة غير معترف باللهِ الذي صرف عنه السيئات وأبدى له منها نعمة ﴿لَفَرِحٌ فَخُورٌ﴾ لأشر بطر في حال الرفاهية.
﴿إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا﴾ إن كان المراد بالإنسان عبد الله بن أبي أمية المخزومي أو رجل معين مثله (١)، والاستثناء منقطع. وإن كان المراد به الجنس فالاستثناء متصل في محل النصب لأنه مستثنى من مثبت (٢).
﴿فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ﴾ أي تكاد تترك إبلاغ ﴿بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ﴾ على سبيل الفور ﴿وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ﴾ أي وتكاد تضيق صدرًا بهذا البعض على سبيل الضعف وقلّة الاحتمال دون الكراهة وسوء الاختيار، وإنما قال: ﴿وَضَائِقٌ﴾ ولم يقل وضيّق للتوفيق بينه وبين قوله: ﴿تَارِكٌ﴾ ولنفي إيهام تحقيق الوصف في الحال أن يقولوا مخافة أو كراهة أن (٣) يقولوا.
﴿افْتَرَاهُ﴾ الضمير عائد إلى القرآن والتحدي ﴿بِعَشْرِ سُوَرٍ﴾ وقيل: التحدي بسورة وبحديث لأن الآية مكية، ونزول سورة "هود" متقدم على نزول سورة "الطور" ﴿مِثْلِهِ﴾ بدل من عشر سور (٤) ﴿مُفْتَرَيَاتٍ﴾ يجوز أن

(١) عزاه ابن الجوزي في "زاد المسير" (٤/ ٨٠) لعبد الله بن أبي أمية، وقال: هو في تفسير الواحدي ولم أجده في الوجيز، وكذا ذكر سبب النزول الوليد بن المغيرة وعزاه لابن عباس.
(٢) قوله: ﴿إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا﴾ [هُود: ١١]، فيه ثلاثة أوجه إعرابية: الوجه الأول: أنه منصوب على الاستثناء المتصل إذ المراد به جنس الإنسان لا واحد بعينه. الوجه الثاني: أنه استثناء منقطع إذ المراد بالإنسان شخص معين. والوجه الثالث: أنه مبتدأ والخبر الجملة من قوله: ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ﴾ [هُود: ١١]، وهو منقطع أيضًا. وقال الفراء: هذا الاستثناء من الإنسان لأنه في معنى الناس كقوله: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢)﴾ [العَصر: ٢]، وقال الزجاج: هذا استثناء ليس من الأول والمعنى لكن الذين صبروا.
[زاد المسير (٢/ ٣٦٠)، الدر المصون (٦/ ٢٩٣)].
(٣) في "ب": (أو).
(٤) ويجوز أن تكون "مثله " نعتًا لـ "سُوَر" كما يجوز أن تكون "مفتريات " صفة لـ "سور" و"مثل " وإن كانت بلفظ الإفراد فإنه يوصف بها المثنى والمجموع والمؤنث كقوله تعالى: ﴿أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا﴾ [المؤمنون: ٤٧] ومن المطابقة قوله تعالى: ﴿وَحُورٌ عِينٌ (٢٢) كَأَمْثَالِ﴾ [الواقعة: ٢٣، ٢٢] وقوله: ﴿ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾ [محمد: ٣٨]


الصفحة التالية
Icon