يكون حالًا للسور المأتي بها، ويجوز (١) أن يكون تقديره سور مفتريات مثله على زعمكم.
﴿فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا﴾ إن كان خطابًا للمأمورين بدعاء من استطاعوا فهو كقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ﴾ [الأعراف: ١٩٤] وإن كان خطابًا للنبي -عليه السلام- ولأمته فهم تبع له شهداء منه كقوله: ﴿لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ [الحج: ٧٨].
﴿يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾ يؤثرها، والمؤمن المخلص لا يؤثرها على الآخرة ولكن يريدها بالاستدراك الغائب وإصلاح الفاسد وهو المطلع فهو من الآخرة ﴿نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ﴾ المحمودة لظواهرها لا لوجه الله تعالى كقوله -عليه السلام-: "من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه" (٢).
﴿مَا صَنَعُوا فِيهَا﴾ في الحياة الدنيا ﴿وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ لوقوعها باطلًا عند الله في الأحكام العقباوية.
﴿أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ﴾ أى هو (٣) كمن ليس على بينة من ربه، الذي هو على بينة من ربه روح النبي -عليه السلام- وقلبه وضميره ﴿وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ﴾ هو منظره يتبع مخبره، قال محمَّد ابن الحنفية: قلت لعلي بن أبي طالب- رضي الله عنه -: إن الناس يزعمون في قوله: ﴿وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ﴾ أنك أنت التالي، فقال: وددت أني أنا هو ولكنه لسان محمَّد -عليه السلام- (٤)، وقيل:

(١) في "أ": (والجواز).
(٢) هو حديث عمر بن الخطاب مرفوعًا: "إنما الأعمال بالنيات... " أخرجه البخاري في صحيحه (٣/ ١٩١ - كتاب العتق باب الخطأ والنسيان)، ومسلم في صحيحه (٣/ ١٥١٥ - كتاب الإمارة) وغيرهما.
(٣) (أي هو) ليست في "ب".
(٤) ابن جرير (١٢/ ٣٥٤)، وابن أبي حاتم (٦/ ٢٠١٤)، والطبراني في الأوسط (٦٨٢٨)، وفي مسند الشاميين (٢٦٣٠) وسنده ضعيف جدًا بسبب خليد بن دعلج.
ولكن ورد عن الحسين بن علي- رضي الله عنهما -ما يؤيده عند ابن جرير (١٢/ ٣٥٥)، وابن أبي حاتم (٦/ ٢٠١٤).


الصفحة التالية
Icon