نجبركم ونكرهكم على الدين إن كثرنا؟! أي لا نفعل ذلك، فإنه لا إكراه في الدين.
﴿لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا﴾ لست أطالبكم على الدين واجتماع الأصحاب خراجًا كفعل الملوك (١) فتمنعوني (٢) عن ذلك لما يصيبكم من (٣) المؤنة ﴿وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ﴾ بأن تمنعوني عن الدعوة إلى الرشاد بغير حجة تثبت عليكم (٤).
﴿وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ﴾ كدعوى الذين يدعون الكيمياء (٥) ﴿وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ﴾ كدعوى الكهنة والعارفين ﴿وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ﴾ كدعوى الأرواح الخبيثة الملابسة من السحرة (٦)، ﴿وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا﴾ كدعوى المصدقين للطواغيت طمعًا في برهم وخيرهم. فتبرّأ نوح -عليه السلام- من هذه الدعاوى كلها؛ لأن دعواه كانت نبوته بقوة إلهية، كان نوح -عليه السلام- يدعوهم إلى توحيد الله تعالى وخلع الأنداد.
﴿قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا﴾ الآية وعدهم الطوفان.
﴿إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ﴾ النصيحة مرضية حميدة (٧) مأمور بها، بخلاف الإغراء والنفع مفتقر إلى وجود النصيحة، وهي لا توجد إلا بإرادتها.

(١) (كفعل الملوك) ليست في "ب".
(٢) في "أ": (فتمنعوا).
(٣) المثبت من "ب"، وفي البقية: (من من البقية).
(٤) في "أ": (لكم).
(٥) ذمّت الكيمياء قديمًا لأن العلماء آنذاك لهم قدرة إلى تحويل أي معدن أو بعض المعادن إلى الذهب. انظر كتاب المدخل لابن الحاج (٣/ ٤٤)، ومعجم البدع (ص ٥٩٥).
(٦) المثبت من الأصل، وفي البقية: (الشجرة) وهو خطأ.
(٧) بدل (حميدة) فراغ في "أ".


الصفحة التالية
Icon