﴿قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ﴾ خطاب لنبينا -عليه السلام- وهو عارض في أثناء القصة والمراد به (١) تحقيق القصة وتوكيدها وقطع أوهام المستمعين ودعاويهم ﴿مِمَّا تُجْرِمُونَ﴾ أي من إجرامكم، وهو تهمتهم وتكذيبهم وإنكارهم إلى نوح -عليه السلام- الهاء ضمير الأمر والشأن (٢) ﴿فَلَا تَبْتَئِسْ﴾ تفتعل من البؤس، والمراد به الحزن والجزع، وكان دعوة نوح -عليه السلام- (٣) ﴿رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ﴾ [نوح: ٢٦]، الآية بعدما أوحى الله تعالى (٤) إليه بهذه الآية.
﴿بِأَعْيُنِنَا﴾ أي بنظر خاص منا إلى ما تصنع (٥) يفيد الكلاءة ﴿وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ لا تدع عليهم بعد فإنا قد استجبنا لك أولًا ولا تتشفع (٦) عند معاينة الأهوال من الرقة وقلّة الاحتمال، أو أنه نهي عما علم الله أنه سيكون وهو ذكر ابنه يام.
﴿سَخِرُوا مِنْهُمْ﴾ استهزؤوا وإنما فعلوا لأنهم رأوه يصنع سفينة لا على ساحل بحر ولا شط (٧) نهر، (إنا نسخر منكم) نجهلكم ونسفهكم.
﴿مَن﴾ بمعنى الذين في محل النصب (٨)، وقيل: بمعنى أي في محل الأمر بالابتداء.

(١) (به) من "ب" "ي".
(٢) في "أ" "ي": (السان).
(٣) (السلام) ليست في "ي".
(٤) (تعالى) ليست في"ب".
(٥) وهذا معنى تفسير ابن عباس -رضي الله عنهما- حيث قال: بعين الله. أخرجه الطبري في تفسيره (١٢/ ٣٩٢) أي بمرأى منا.
(٦) العبارة في "ب": (لك أو لا تتشفع لهم).
(٧) في "ي": (ولا على شط).
(٨) يجوز في "مَنْ" أن تكون موصولة أو استفهامية، وعلى كلا التقديرين فـ "تعلمون" إما من باب اليقين فتتعدى لاثنين، وإما من باب العرفان فتتعدى لواحد، فإذا كانت هذه عرفانية و"مَنْ" استفهامية كانت "مَنْ" وما بعدها سادة مسد مفعول واحد، وإن كانت متعدية لاثنين كانت سادة مسد المفعولين، وإذا كانت "تعلمون" متعدية لاثنين و"مَنْ" موصولة كانت في موضع المفعول الأول والثاني محذوف.
[الدر المصون (٦/ ٣٢٢]


الصفحة التالية
Icon