قَوْمُكَ} لأنهم لم يكونوا سمعوا بها أصلًا، والثاني: أن علمهم لم يقع بها لأن العلم بالخبر لا يقع إلا عند الإعجاز والتواتر ولم يحصل إلا بالقرآن.
﴿لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا﴾ لما اتهموه أنه يدعي النبوة ليزاحمهم في الدنيا حسم أوهامهم بذلك ﴿عَلَيْهِ﴾ أي على الدعاء والإنذار.
﴿يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ﴾ إنما وعد در السماء على شريطة التوبة والاستغفار لاحتياجهم إلى ذلك، وقد ذهب وفدهم للاستسقاء على ما قدمنا.
﴿بِبَيِّنَةٍ﴾ معجزة التي توجب العلم ضرورة على سبيل الإلجاء، طالبوه بها جهلًا منهم ﴿عَنْ قَوْلِكَ﴾ بقولك، وضع (عن) مكان الباء كما وضع الباء مكان (عن) في قوله: ﴿فَسْئَلْ بِهِ خَبِيرًا﴾ [الفرقان: ٥٩] و ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (١)﴾ [المعارج: ١] وقيل: معناه ﴿وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ﴾ صادرين عن رأيك وقولك.
﴿اعْتَرَاكَ﴾ مسَّك وعرض لك، تقول: عروته واعتريته وعورته واعتورته إذا أتيته بطلب حاجة، ومحله نصب بالاستثناء (١) ﴿بِسُوءٍ﴾ بخبل وجنون، وإنما قالوا ذلك لاعتقادهم أن النفع والضرّ من عندها. قال هود -عليه السلام-: ﴿إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ﴾ إني بريء من آلهتكم ﴿وَاشْهَدُوا﴾ أنهم على أني بريء من آلهتكم التي اتخذتموها من دون الله.
﴿فَكِيدُونِي﴾ أنتم وآلهتكم أجمعون ولا تمهلوني، وإنما قال ذلك ليعرفهم عجزهم وعجزها فينبئهم على بطلان دعاويهم.
﴿آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا﴾ عبارة عن ملك (٢) الأمر والاستيلاء والقدرة على وجوه التصاريف.

(١) ذهب أبو البقاء إلى أن جملة "إلا اعتراك" مفسرة لمصدر محذوف التقدير: إن نقول إلا قولًا هو اعتراك. وقال الزمخشري: "اعتراك" مفعول "نقول" و"إلا" لغو أي: استثناء مفرغ.
[الإملاء (٢/ ٤١)، الكشاف (٢/ ٢٧٥)].
(٢) في الأصل و"ي": (سلك) وهو خطأ.


الصفحة التالية
Icon