و (الناصية) هي العرف. قال -عليه السلام-: "الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة" (١) وأن النبي -عليه السلام- (٢) حسر عمامته ومسح على ناصيته (٣) ﴿إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ أي فعله وقوله على قضية علمه وحكمته.
﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا﴾ تتولوا وتعرضوا ﴿فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ﴾ جواب الشرط، فكأنه قال: إن تعرضوا فلا عليّ فإني قد قضيت ما عليّ ﴿وَيَسْتَخْلِفُ﴾ يجوز أن يكون معطوفًا على جواب الشرط بالفاء، ويجوز أن يكون مستأنفًا. والاستخلاف اتخاذ الخليفة كالاستبداد والاستقصاء، ﴿شَيْئًا﴾ في شيء، وقيل: لا ينقضونه شيئًا.
﴿مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾ إن أراد به الريح فهي جسم لأنها تشاهد إذا تلوّنت بالغبار فغلظها تراكم أجزائها وشدة ائتلافها بخلاف الريح الطيبة، وإن أراد به ما حصل من التعذيب فغلظه عظمته وشدته وفخامته.
و (تلك) مبتدأ و ﴿عَادٌ﴾ (٤) خبرها. التقدير: تلك الأمة، وقيل: تلك ﴿عَادٌ﴾ كالبدل عنه والخبر ﴿جَحَدُوا﴾ (٥) أي أنكروا ﴿وَعَصَوْا رُسُلَهُ﴾ نوح وهود ومن قبلهما، أو هود والملائكة، أو هود وحده جمع على سبيل التشريف، ويحتمل أن هودًا -عليه السلام- (٢) كان معه رسل كما أن هارون مع موسى وبعض الحواريين مع عيسى -عليه السلام- (٢)، ومثل هذا لا يثبت إلا بالسماع. (العنيد) العاند والعنود الذي لا يطيع.
﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [أي واتبعوا لعنة يوم القيامة. وقوله: ﴿أَلَا إِنَّ عَادًا﴾

(١) البخارى (٣٦٤٥)، ومسلم (١٨٧١) وغيرهما.
(٢) (السلام) ليست في "ي".
(٣) الشافعي على مسنده (٤٥).
(٤) هكذا أعربها النحاس في كتابه "إعراب القرآن" (٣/ ٩٧)
(٥) قوله: "جحدوا" هي جملة مستأنفة سيقت للإخبار عنهم بذلك، وليست حالًا مما قبلها، وهي تتعدى بنفسها ولكنها ضمنت معنى كفركما ضمنت "كفر" معنى "جحد" في قوله تعالى: ﴿كَفَرُوا رَبَّهُمْ﴾ [هُود: ٦٠].
[الدر المصون (٦/ ٣٤٥)].


الصفحة التالية
Icon