﴿وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا﴾ أي ضاق ذرعه بهم، ذرعه: طاقته (١) واستطاعته ﴿عَصِيبٌ﴾ شديد.
﴿يُهْرَعُونَ﴾ يستحثون ويزعجون على سرعة والمستحث المزمع قضاء الله وقدره ﴿يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ﴾ أفعالهم الخبيثة ﴿هَؤُلَاءِ بَنَاتِي﴾ إشارة إلى نسائهم، وإنما دعاهن بنات على سبيل التلطف في الخطاب إذ (٢) النبي من أمته بمنزلة الأب من أولاده (٣) ألا ترى أن لوطًا لم يكن له إلا اثنتان (٤) ويحتمل أنه كان له بنات غيرهما فعرضهن -عليه السلام- (٥) بالتزويج (٦). وكان ينعقد النكاح بين الكفار والمسلمين حينئذ (٧)، ويحتمل أن لوطًا عبَّر عن ابنتيه بالبنات وعرضهما على رئيسين ليمنعا الباقين، و (الضيف) النازل عند الإنسان بزاده.
﴿مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ﴾ ليس لنا في بناتك من حاجة (٨) ومراد،

(١) قال الفراء: الأصل فيه: وضاق ذرعه بهم، فنقل الفعل عن الذَّرْع إلى ضمير لوط، ونصب الذرع بتحويل الفعل عنه كما قال: ﴿وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا﴾ [مريم: ٤] أي: اشتعل شيب الرأس. وكما ذكر المؤلف من حيث المعنى أنها تطلق على الجهد والطاقة ومنه قول زهير بن أبي سلمى:
تَعَلَّمَنْ ها لَعَمْرُ اللهِ ذا قَسَمًا فاقدِرْ بِذَرْعِك وانظر أين تَنْسَلِكُ
[زاد المسير (٢/ ٣٨٩)، ديوان زهير بن أبي سلمى (ص ١٨٢)].
(٢) المثبت من "ب"، وفي البقية: (أو النبي).
(٣) يشهد لذلك قوله تعالى في قراءة ابن مسعود "النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أبِّ لهم"، وهذا مذهب مجاهد وسعيد بن جبير وقتادة وابن جريج.
[تفسير الطبري (١٢/ ٥٠٤)].
(٤) في "أ": (ابنتان).
(٥) (السلام) ليست في "ي".
(٦) وهذا قول ابن عباس - رضي الله عنهما - أنهن بناته لصلبه ذكره ابن الجوزي في تفسيره.
[زاد المسير (٢/ ٣٩٠)].
وكون لوط -عليه السلام- له ابنتان وعبر عنهما بصيغة الجمع، فهذا جائز في لغة العرب ومنه قوله تعالى: ﴿وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ﴾ [الأنبياء: ٧٨].
(٧) في "ي" "أ": (يومئذ).
(٨) في "أ": (جامعة).


الصفحة التالية
Icon