قيل: إيحاء جبريل، وقيل: الإلهام إليه وإلى يوسف ﴿لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ﴾ وهو قوله: ﴿هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ﴾ [يوسف: ٨٩].
﴿يَبْكُونَ﴾ يكلفون البكاء كعادة الجاني إذا تبارأ من البكاء.
﴿نَسْتَبِقُ﴾ نسابق (١) بالرمي والتعادي، ويحتمل أنهم لم يقصدوا الكذب بخبرهم من الاستباق وتركه لأنه ممكن، وعنوا بالذئب ما كان رآه أبوهم في المنام وتأويله السارق أو الغاصب مثلًا أو مجازًا، وإنما قالوا: ﴿وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا﴾ لشدة خوفهم كما يقال: كاد المريب يقول خذني.
﴿عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ﴾ أي الدم المكذوب، كانوا قد لطخوا القميص بدم جدي (٢) يوهمون أنه دم يوسف، وإنما اعتذروا بهذا لما يرجون من تصديق أبيهم وتسليمه لهم هذا العذر بعد خوفه عليه من قبل هذا المعنى، وإنما علم الخلاف بوحي أو إلهام أو صدق فراسته أو اعتبار القميص غير ممزق ﴿سَوَّلَتْ﴾ زيّنت ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ أي فعلى صبر جميل (٣) وهو ما عري من الشكوى والعويل ﴿عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ على استبانة ما تصفون.
﴿وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ﴾ الرفقة كانوا من خزاعة يريدون مصر ﴿وَارِدَهُمْ﴾ مالك بن ذعر الخزاعي (٤)، ﴿فَأَدْلَى﴾ فأرسل إلى أسفل البئر ﴿وَأَسَرُّوهُ﴾

(١) (نسابق) ليست في الأصل.
(٢) صح عن ابن عباس - رضي الله عنهما- أنه دم سخلة شاة، وكذا روي عن مجاهد. وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: لو أكله الذئب لخرق قميصه.
[الطبري (١٣/ ٣٦)].
(٣) يجوز في "صبر جميل" أن تكون خبرًا لمبتدأ محذوف التقدير: أمري صبر جميل، ويجوز أن يكون مبتدأ وخبره محذوف والتقدير: صبر جميل أمثل بي.
وقدره الطبري: صبري صبر جميل، والصبر الجميل قيل: هو الذي ليس فيه جزع، وروى الطبري مرفوعًا أن النبي - ﷺ - قال: "فصبر جميل صبر لا شكوى فيه".
[الطبري (١٣/ ٤٠)، الدر المصون (٦/ ٤٥٨)].
(٤) ابن جرير (١٣/ ٦٢) من طريق ابن إسحاق عن ابن عباس، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٨/ ٢١٦) كذلك لأبي الشيخ، واسمه ورد في جميع التفاسير.


الصفحة التالية
Icon