صميمه، وإنما ضللنها (١) في رأيها لإيثارها عبدًا مملوكًا مقدورًا عليه موجودًا عنده على عزيز مصر.
﴿أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ﴾ دعتهن للضيافة ﴿وَأَعْتَدَتْ﴾ أحضرت وحصّلت ﴿مُتَّكَأً﴾ معتمدًا عليه، قيل: الطعام، وقيل: متكأً، قيل: هو الأترج، وقيل: الزماورد ﴿وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا﴾ دليل على طعام أو فاكهة يحتاج فيه إلى السكين، والسكين: الشفرة ﴿اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ﴾ أمرتْه (٢) لأنه كان لا يجد من الخدمة والائتمار بأمرها بُدًّا ﴿أَكْبَرْنَهُ﴾ أعظمنه من أن يكون ﴿بَشَرًا﴾ نصب (٣) (بشرًا) لنزع الخافضة (٤) ﴿كَرِيمٌ﴾ في حسن الصورة وصفاء الخلقة، وإنما عرضت المحبوب على صواحباتها لكون المحبوب مصونًا مأمونًا، أو لرجاء العون والإعانة.
﴿فَاسْتَعْصَمَ﴾ استمسك بالرشد والعصمة ﴿وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ﴾ وعيد منها، وذلك في حال امتزاج المحبة بحظوظ النفس قبل صفائها، فلما صفت المحبة قالت: ﴿الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ﴾ [يوسف: ٥١]
﴿ثُمَّ بَدَا لَهُمْ﴾ الفعل منه مسندًا إلى الجملة متركبة من جواب (٥) وقسم، وتقديره: ثم بدا لهم أن والله ﴿لَيَسْجُنُنَّهُ﴾ وهذا كقوله: نويت لأذهبن إلى فلان، وإنما بدا لهم ذلك لأنهم رأوا محبة يوسف وحبه، وتبرئة المرأة أسهل من تبرئة الغلام، وفضيحة المرأة وتشويش البيت، فاقدموا على تنحية البريء الصادق وتخلية الجانية الخائنة لمصلحة الحال بعد مشاهدة الآيات على الكيفية.
(٢) (أمرته) ليست في "ب".
(٣) روي عن الخليل بن أحمد الفراهيدي وسيبويه وجمع من النحويين أن "بشرًا" منصوب لأنه خبر "ما" التي تعمل عمل ليس وهي لغة أهل الحجاز.
[الدر المصون (٦/ ٤٨٨)، زاد المسير (٢/ ٤٣٦)].
(٤) في "ب" "أ": (الخافض).
(٥) في "ب" ي ": (جو انب).