عن أبي سعيد الخدري قال: كانت بنو سلمة في ناحية المدينة فأرادوا النقلة إلى قرب المسجد فنزلت الآية، فقال -عليه السلام- (١): "إن آثاركم تُكتب فلا تنتقلوا" (٢) قال: نزول الآية متقدم على هذه الحادثة، والحديث محمول إما على نزول الآية مرتين وإما لم يكن سمع أبو سعيد الخدري هذه الآية فيما قبل فظن أنها نزلت يومئذ.
﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ﴾ اُقصص لهم القصة، كقوله: ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ﴾ [الكهف: ٣٢] ﴿أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ﴾ أهل أنطاكية (٣).
﴿إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ﴾ على عهد عيسى -عليه السلام- (١) وهما تومان وبولس (٤) وهما من الحواريين، فجعلا يدعوانه إلى توحيد الله حتى اطلع الملك على أمرهما فحبسهما، فجاء شمعون الصفا وهو من عظماء الحواريين في أثرهما مسجونين فجعل نفسه كواحد من أهل أنطاكية، وجاء بطعام ليطعم أهل السجن فأطعم كل واحد من أهل السجن شيئًا شيئًا، فلما انتهى إلى صاحبيه قال: إني أسعى في تقويتكما وإخراجكما، ثم خرج من السجن ودخل بيت الأصنام فاعتكف فيه أيامًا يصلي لله -عَزَّوَجَلَّ- ويتضرّع إليه وأهل أنطاكية يرونه متقربًا إلى أصنامهم فسكنوا إليه ووثقوا به ورفعوا خبره إلى الملك فدعاه الملك واستخلصه، ثم إنه قال للملك: إني سمعت أنك سجنت رجلين مخالفين لك في دينك فأخرجهما لأخاصمهما.
وأخرجهما (٥) الملك فقال لهما شمعون: وأنا أفعل ذلك، قالا: نحن نحيي ونميت الموتى، قال شمعون: عندنا ميت قد مات منذ سبعة أيام

(١) (السلام) ليست في "ي".
(٢) الترمذي (٣٢٢٦)، وعبد الرزاق (١٩٨٢)، وابن جرير (١٩/ ٤١٠)، وابن أبي حاتم كما في تفسير ابن كثير، والحاكم (٢/ ٤٢٨)، والبيهقي في الشعب (٢٨٩٠)، والحديث صحيح.
(٣) روي ذلك عن قتادة وعكرمة. أخرجه الطبري في تفسيره (١٩/ ٤١٣) وعبد الرزاق في تفسيره (٢/ ١٤٠).
(٤) ذكره في "زاد المسير" (٧/ ١٠) عن مقاتل.
(٥) في "أ" "ي": (فأخرجهما).


الصفحة التالية
Icon