﴿إِذْ دَخَلُوا﴾ يعني ملكان مع كل واحد عدد معين له وقيل: لم يدخل عليه إلا ملكان لكن كنى بلفظ الجماعة لاعتبار وجود معنى الجمع والضم، قال الله تعالى: ﴿إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ﴾ [الأنبياء: ٧٨] ثم قال: ﴿وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ﴾ [الأنبياء: ٧٨]، وقال لآدم وحواء: ﴿اهْبِطُوا﴾ [البقرة: ٣٦] وكون الابنتين والأختين كما فوقهما في الميراث.
﴿خَصْمَانِ﴾ أي نحن خصمان.
﴿نَعْجَةً﴾ وهي الأنثى من الضأن والبقر أو البقر الوحش والشاة الحبلى وجمعها نعاج، وهذا مثل ضرباه للنساء، وكان داود تحته تسع وتسعون امرأة وكانت عند أوريا امرأة واحدة ﴿أَكْفِلْنِيهَا﴾ أي سلّمها إليّ واجعلني كفيلها، والقصة فيه أن داود -عليه السلام- (١) دعا ربه ذات يوم فقال في دعائه: يا رب أخِّر ذكري بعد وفاتي في أفواه بني إسرائيل ليذكروني في صلاتهم كما يذكرون إبراهيم (٢) وإسماعيل وإسحاق (٣) ويعقوب -عليه السلام-، فأوحى الله تعالى أن هؤلاء ابتليتهم وأنت لم أبتلك بشيء مما بلوا به، فقال: إلهي وبمَ ابتليتهم؟ فأوحى الله إليه أني ابتليت إبراهيم فصبر على النار فصيّرتها عليه بردًا وسلامًا، وابتليت إسماعيل بالغربة عن أبيه فآويته وأحسنت مثواه (٤) ومثوبته وأوفدت إليه أمة من الناس فآنست بهم وحشته وأغنيت بهم فقره ولممت بهم شعثه، وابتليت إسحاق بالذبح فصبر لأمري ورضي بقضائي ففديته بذبح عظيم ونجّيته من الكرب الشديد، وابتليت يعقوب بفقد حبيبه يوسف.
فقال داود: إلهي فابتلني واجعل اسمي مع أسمائهم في أفواه بني إسرائيل عند صلاتهم، فأوحى الله إليه إذ لم تقبل العافية فسأوتيك البلية، ثم أمهله الله -عَزَّ وَجَلَّ- حتى نسي مسألته، فبينا هو ذات يوم في مسجده يقرأ الزبور وكان ذلك المسجد مشرفًا على بستان من بساتين بني إسرائيل، وفي

(١) (السلام) ليست في "ي".
(٢) (إبراهيم) في الأصل مكررة.
(٣) (وإسحاق) ليست في الأصل.
(٤) (مثواه) من "ب" وفي البقية (مثوبه).


الصفحة التالية
Icon