وانشرح" قالوا: هل لذلك من علم نعرف به؟ قال: "نعم، التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار الخلود، والاستعداد للموت قبل نزول الموت" (١).
﴿تَقْشَعِرُّ﴾ ترتعد ﴿يَهِيجُ﴾ يجف ويصفر، وعن علي: لا يهيج على التقوى زرع قوم (٢) ﴿حُطَامًا﴾ يكسر ويصير بمنزلة ما يحطم، والحِطْم الفاعل والحَطْم المنفعل.
﴿سَلَمًا﴾ وسالمًا مسلمًا الذي لا دعوى فيه لأحد ﴿مُتَشَاكِسُونَ﴾ التشاكس سوء الخلق وصعوبته، وإنما قيل ﴿مَثَلًا﴾ لأنهما جعلا مثلًا واحدًا، قاله الفراء (٣).
﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ﴾ أطلق اسم المآل على الحال كقوله: ﴿أَعْصِرُ خَمْرًا﴾ [يوسف: ٣٦] قال: أنا مت وعزّ من لا يموت قد تيقنت أني سأموت، وعلى هذا حمل الفراء (٤) قوله: ﴿بِغُلَامٍ عَلِيمٍ﴾ [الحجر: ٥٣] ويجوز أن يكون عليمًا في حال الصغر.
عن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: لما نزلت ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (٣١)﴾ قال الزبير: أيكرر علينا الخصومه بعد الذي كان بيننا في الدنيا؟ قال: نعم، فقال: إن الأمر إذًا لشديد (٥). وعن إبراهيم قال: لما نزلت قال أصحاب رسول الله: ما خصومتنا ونحن إخوان؟ فلما قتل عثمان قالوا: هذه خصومتنا (٦).
وقال علي لأبي بكر بعد وفاته: سمَّاك الله -عَزَّ وَجَلَّ- في تنزيله صديقًا قوله تعالى: ﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ﴾ أبو بكر (٧).

(١) ذكره السيوطي عن محمَّد بن كعب القرظي وعزاه لابن مردويه كما في الدر (١٢/ ٦٤٥).
(٢)
(٣) ذكره الفراء في معانيه (٢/ ٤١٩).
(٤) انظر معاني القرآن للفراء (٢/ ٤٢٠).
(٥)
(٦) ذكره ابن جرير (٢٠/ ٢٠٢) عن ابن عمر. وكذا هو عن إبراهيم النخعي عند عبد الرزاق في تفسيره (٢/ ١٧٢)، وابن جرير (٢٠/ ٢٠٢)، وابن عساكر في تاريخه (٣٩/ ٤٩٣).
(٧) ابن جرير (٢٠/ ٢٠٤)، وابن عساكر (٣٠/ ٣٣٦).


الصفحة التالية
Icon