عدوًا لموسى -عليه السلام- (١) باغيًا على قومه متعصبًا لفرعون إلى أن أهلكه الله، وفيها دلالة على أن فرعون ما كان يكفّ عن موسى -عليه السلام- (٢) لحلمه وكرمه ولكنه يخاف اختلاف قومه في أمره إن قتله.
وقوله: ﴿وَلْيَدْعُ رَبَّهُ﴾ على سبيل الاستهزاء وقلة المبالاة، أي ما يمنعني عن قتله إلا مكانكم، فإن اجتمعتم على قتله وأشرتم علي بذلك فليدعُ ربه حينئذ هل يمنعني عن قتله ﴿فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ﴾ أي فساد مملكته الفاسدة.
﴿رَجُلٌ مُؤْمِنٌ﴾ هو حبيب النجار ﴿يَكْتُمُ إِيمَانَهُ﴾ إنما يكتم قطعه الحكم بصدق موسى -عليه السلام- (٢) في دعوى الرسالة دون إيمانه بوحدانية الله تعالى وبالأنبياء الماضين عليهم السلام، وإنما يكتم لخوفه القتل على نفسه، ولم يخف في سائر الخصال إلا محرمًا لجدال، وإنما دعاهم إلى طاعة موسى -عليه السلام- على سبيل الشك أو غلبة الظن؛ لأن موسى -عليه السلام- (٢) كان يدعوهم إلى إنجاء بني إسرائيل وذلك فعل لم يكن مخالفًا للمعقول، فكان يجوز فعله من غير اعتقاد، وإنما قال: ﴿بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ﴾ لأن موسى -عليه السلام- (٢) قد وعدهم بأشياء وخوّف بأشياء للتخيير كقوله: ﴿أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا﴾ [التوبة: ٥٢] قوله: ﴿قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ﴾ [الأنعام: ٦٥] الآية، والثاني: أن المراد بالبعض الكل.
وقول فرعون: ﴿مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى﴾ يدل على أنه بين الغرور والإكراه.
﴿وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ﴾ أي لا يريد أن يظلم هو بنفسه على عباده لتعاليه عن الاتصاف بالظلم بدليل إهلاك القرون الماضية بالغرق والصيحة والريح ونحوها، وقال (٣): ﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ [هود: ١٠١] وقيل: يريد أي يحب.
(٢) (السلام) ليست في "ي" "أ".
(٣) (وقال) ليست في "أ".