﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (٨٦)﴾ [ص: ٨٦] إن رسول الله لما رأى قريشًا استصعبوا عليه، قال: "اللهم أعِنِّي بسبع كسبع يوسف" فأخذهم سنة فأحصت (١) كل شيء حتى أكلوا الجلود والميتة.
وروي العظام قال: وجعل يخرج من الأرض كهيئة الدخان، قال: وأتاه أبو سفيان فقال: إن قومك قد هلكوا فادعُ الله لهم.
قال: فهذا قوله: ﴿يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠) يَغْشَى النَّاسَ﴾ الآية، وقيل: هذا لقوله: ﴿رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ﴾ قال: فهل يكشف عذاب الآخرة وقد مضى البطشة واللزام يوم بدر والدخان (٢) وهذا مخالف لما تقدّم، والله أعلم بالصحيح.
﴿أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ﴾ في معنى قوله: ﴿فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [الأعراف: ١٠٥].
﴿فَاعْتَزِلُونِ﴾ فاتركوني واهجروني.
﴿رَهْوًا﴾ سكونًا أو متتابعًا، تقديره: اترك البحر ساكنًا على حالته (٣) وعلى حالة الانفلاق غير مضطرب ولا ملتطم، أو اترك البحر متتابعة أمواجه في الهواء ﴿كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ﴾ [الشعراء: ٦٣].
﴿فَمَا (٤) بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ﴾ أي أهل السماء ﴿وَالْأَرْضُ﴾ أراد مبالغة وصفهم في الهوان. وسئل ابن عباس (٥): أتبكي السماء والأرض على أحد؟ قال: نعم إنه ليس من الخلائق أحد إلا وله باب من السماء أو في
(٢) البخاري (١٠٢٠)، ومسلم (٢٧٩٨).
(٣) وهو قول ابن عباس - رضي الله عنهما -. أخرجه الطبري في تفسيره (٢١/ ٣٥) وابن أبي حاتم (١٠/ ٣٢٨٨) وهو الذي رجحه الطبري، ومنه قول الشاعر:
كأنَّما أهل حُجْرٍ ينظرون متى | يرونني خارجًا طيرٌ ينادِيدُ |
طَيْرٌ رأتْ بازيًا نَضْحُ الدماءِ به | وأمُّهُ خرجتْ رَهْوًا إلى عيدِ |
(٥) المثبت من "ب"، وفي البقية: (عياش).