أعظم الفرية، وعن عائشة كذلك (١) فهما محمولان على نفي الرؤية بالعينين.
﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (٢٠)﴾ واشتقاق اللات من اسم الله تعالى، والعزى من العزيز فإنها تأنيث الأعز، ومناة تأنيث منا وهو القد، وقيل: سميت لاتًا لأن ممتها يلتُّ السويق للناس، ولو كان كذلك لكان التا مشددة (٢)، وقيل: مناة تسمية أعجمية عرّبتها العرب (٣)، وإنما اتصفت بالثالثة وبالأخرى جميعًا لأنها ثالثة الثلاث المعبودات دون الله تعالى، وثانية الظلمات في كونها صخرة مثلها، وأما العزى فكانت شجرة قطعها خالد بن الوليد بإذن الله تعالى وبأمر رسول (٤) الله (٥).
وقيل: اتصافها بالأخرى لأن كل واحدة ثانية ما يتقدمها كقولك: هذه واحدة وهذه أخرى وهذه أخرى، وكانت الشياطين تحل هذه المحال الثلاثة فتكلم منها أولياءهم وهم يظنون أنها ذات أرواح، ويعتقدون الأرواح ملائكة وأنه ابنات ففي ذلك قوله: ﴿أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (٢١) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (٢٢)﴾.

(١) عن عائشة عند الترمذي (٣٠٦٨)، وأبي عوانة في مسنده (١/ ١٣٤)، وابن حبان (٦٠) والحديث صحيح ولم نجده عن العرباض بن سارية.
(٢) واللات: نسبة لرجل كان يلت السويق للحاج فلما مات عكفوا على قبره فعبدوه. روي ذلك عن ابن عباس - رضي الله عنهما - ومجاهد. أخرجه الطبري في تفسيره (٢٢/ ٤٧ - ٤٨).
(٣) مناة: هو صنم لهذيل وخزاعة يعبده أهل مكة، وقال أبو عبيدة: كان في جوف الكعبة، و ﴿الثَّالِثَةَ﴾ نعت لمناة هي ثالثة الصنمين في الذِّكر و ﴿الْأُخْرَى﴾ نعت لها. قال الثعلبي: العرب لا تقول للثالثة: الأخرى، وإنما الأخرى نعت للثانية، فيكون في المعنى وجهان، أحدهما: أن ذلك لوفاق رؤوس الآية كقوله تعالى: ﴿مَآرِبُ أُخْرَى﴾ [طه: ١٨] ولم يقل أُخر. قاله الخليل. والمعنى الثاني: أن في الآية تقديمًا وتأخيرًا تقديره: أفرأيتم اللات والعزى الأخرى ومناة الثالثة، قاله الحسين بن الفضل.
[زاد المسير (٤/ ١٨٨)].
(٤) في "ب": (رسول الله - ﷺ -).
(٥) النسائي في الكبرى (١١٥٤٧) ففعل خالد بن الوليد وقطعها وهو يقول:


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
يا عز كفرانك لا سبحانك إني رأيتُ الله قد أهانك