وعن ابن عباس في هذه الآية قال: قال رسول الله - ﷺ - (١): "إن تغفر اللهم تغفر جَمًّا، وأي عبد لك ما ألمّا" (٢).
﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى﴾ لا تثنوا عليها.
﴿أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (٣٣)﴾ قال مقاتل: نزلت الآيات (٣) في الوليد بن المغيرة وقصته أن الله تعالى لما أنزل (٤) على رسوله ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ﴾ [النحل: ٩٠] إن كان محمد قاله من تلقاء نفسه فنعم ما قاله، وإن كان أنزل عليه ربه فنعم ما أنزله، وأعطى هذا المقدار بلسانه من الإقرار بالمعروف، ثم قطع إقراره بالمعروف واستمر على كفره (٥).
وقال الكلبي: نزلت في عثمان بن عفان - رضي الله عنه - (٦) حين لامه عبد الله بن أبي سرح على إنفاقه في سبيل الله فاعتذر عليه عثمان بأنه ينفق لأجل ذنوبه وخطاياه فخدعه ابن أبي سرح وقال: أعطني بعيرك هذا بخطامه لأتحمل عنك خطاياك، فأعطاه عثمان بعيره ثم أمسك على النفقة بعد ذلك (٧).
﴿وَأَكْدَى﴾ انتهى عن العمل من انتهاء حافر البئر إلى الكدية في الأرض.
﴿وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ﴾ خطاب لكل واحد من المخاطبين، ألا ترى قال: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى (٥٥)﴾ وحمله هذا الفصل مما هو في صحف موسى وإبراهيم وفي ما ذكرنا في قوله: ﴿فَأَتَمَّهُنَّ﴾.
﴿أَضْحَكَ وَأَبْكَى﴾ ردّ على القدرية لأن الغالب من الضحك والبكاء أن يكونا في طاعة أو معصية.

(١) (السلام) ليست في "ي"، وفي "ب": (رسول الله - ﷺ -).
(٢) الترمذي (٣٢٤٨)، وابن جرير (٢٢/ ٦٣، ٦٤)، والبغوي (٤/ ٨٥) والحديث صحيح.
وقال في أضواء البيان (٧/ ٧٥): في صحته مرفوعًا نظر.
(٣) في "ب": (الآية).
(٤) في "ب": (وقصته لما أنزل الله تعالى).
(٥) ابن الجوزي في "زاد المسير" (٨/ ٧٧) قريبًا منه عن مجاهد وابن زيد.
(٦) (رضي الله عنه) من الأصل.
(٧) القرطبي (١٧/ ٩٨) عن ابن عباس والسدي والكلبي عن المسيب بن شريك.


الصفحة التالية
Icon