بها على المسلمين ففي ذلك قوله تعالى: ﴿يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ وأمر رسول الله بقطع نخلهم وكانت خير أموالهم العجوة، فأخذوا يعيبون المسلمين على ذلك ويقولون: إنكم معشر المسلمين تزعمون أنكم لا تحبون الفساد في الأرض فكيف تقطعون النخيل وإنما هي لنا إن ظفرنا ولكم إن ظفرتم، وطمع بعض المسلمين في ذلك فلم يقطع منها شيئًا، ثم اختلفوا فيما بينهم بعد ما استولوا فأنزل الله ﴿مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ﴾ الآية؛ لأن من قطعها قطعها إضرارًا باليهود ومن تركها تركها نفعًا للمسلمين، وأسلم من بني النضير يامين بن عمير وأبو سعد بن وهب فأحرزوا أموالهما.
وشرط النبي -عليه السلام- لليهود أن يخرجوا ولهم ما حملت إبلهم إلا الحلقة وهي السلاح، فخرجوا على ذلك، وغنم رسول الله (١) سلاحهم وسائر أموالهم سوى الإبل (١).
واختلفوا في قوله ﴿لِأَوَّلِ الْحَشْرِ﴾ فقال القيسي: الحشر هو الجلاء،
وهؤلاء اليهود أول قوم أُجْلوا عن ديارهم، وقال الزهري: هو أول حشر
إلى الشام ثم يحشر إليها يوم القيامة (٢).
وقد روى عكرمة عن النبي -عليه السلام- (٣) قال: "من شك أن الحشر ليس بالشام فليقرأ أول الحشر" وهو قوله: ﴿هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ (٤) مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ﴾ فلما قال لهم رسول الله (٥): "اخرجوا من المدينة" قالوا: إلى أين؟ قال: "إلى أرض (٦) المحشر" (٧).

(١) ذكر تفاصيل هذه القصة ابن الجوزي في تفسيره زاد المسير (٤/ ٢٥٣)، والقرطبي في تفسيره (١٨/ ٤).
(٢) أخرجه الطبري في تفسيره عن الزهري (٢٢/ ٤٩٨)، والبيهقي في الدلائل (٣/ ١٧٦).
(٣) (السلام) ليست في "ي"، وفي "ب": (النبي صلى الله عليه وسلم).
(٤) (من أهل الكتاب) من الأصل.
(٥) في "ب": (رسول الله صلى الله عليه وسلم).
(٦) في "ب": (الأرض).
(٧) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٤/ ٢٥٤) من قول عكرمة. ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره عن ابن عباس - رضي الله عنهما - (١٠/ ٣٣٤٥).


الصفحة التالية
Icon