٥٧ - ﴿وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ:﴾ أي: وجعلنا (١) عليهم الغمام ظلّة.
والظّلّ: الستر، والظّلّة: السترة، والفرق بينهما أنّ الشيء يكون تحت الظلّ (٢) دون الستر، إلا أنّه يقال: الشمس مستظلّة، إذا كانت محتجبة بالسحاب، وفرق آخر أنّ الرائي يتخيّل الظلّ ولا يتخيّل الستر. وجمع الظلّ: ظلال، وجمع الظّلّة: ظلل. والظّليل هو الطيّب، قال الله تعالى:
﴿وَنُدْخِلُهُمْ (٣)﴾ ظِلاًّ ظَلِيلاً [النساء: ٥٧]، وقال في ضدّه: ﴿لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ﴾ [المرسلات: ٣١]. وأظلّك الطائر: إذا حاذاك وقرب منك وألقى ظلّه عليك، أعني ما يتخيّل.
ويستعار للشهر والزمان فيقال: أظلّ الشهر والزمان (٤).
والغمام: غيم أبيض، وإنّما سمّي غماما لأنّه يغمّ السماء (٥) ويسترها، وللقاحه بالماء لأنّه يغمّ الماء في جوفه. وغمغمة السّحاب: صوته. والغمام واحد وجماعة، قال الحطيئة (٦) يمدح رجلا: [من الطويل]
إذا غبت عنّا غاب عنّا ربيعنا … ونسقى الغمام الغرّ حين (٧) تؤوب
و (المنّ) (٨) كان شيئا من جنس التّرنجبين، و (السّلوى) كان طيرا يشبه السّمانى (٩)، ولا واحد له من لفظه عند الأخفش (١٠)، وقال الخليل (١١): الواحد: سلواة، ويقال (١٢): السّلوى:
العسل، وقال (١٣): [من الطويل]
وقاسمها بالله (١٤) … جهدا لأنتم
ألذّ من السّلوى إذا ما نشورها
_________
(١) بعدها في ب: أي جعلنا، وهي مقحمة. وينظر: الكشاف ١/ ١٤٢، ومجمع البيان ١/ ٢٢٤.
(٢) في ب: الظلة.
(٣) في ك وب: فيدخلهم.
(٤) ينظر: التبيان في تفسير القرآن ١/ ٢٥٦ - ٢٥٧.
(٥) النسخ الأربع: السحاب، والسياق يقتضي ما أثبت، وتؤيّده مصادر التخريج، ينظر: تفسير غريب القرآن ٤٩، والمحرر الوجيز ١/ ١٤٨، ومجمع البيان ١/ ٢٢٣.
(٦) في ك: عطية. والبيت في ديوان الحطيئة ٢٠٧.
(٧) في ك: حتى.
(٨) الذي جاء في قوله تعالى في الآية نفسها: وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى.
(٩) ينظر: معاني القرآن للفراء ١/ ٣٧ - ٣٨، وتفسير غريب القرآن ٤٩ - ٥٠، والمحرر الوجيز ١/ ١٤٨ - ١٤٩. والتّرنجبين: طلّ ينزل من السماء على شجر أو حجر ويحلو وينعقد عسلا ويجف جفاف الصمغ، ينظر: القاموس المحيط ١١١٣ (منن).
(١٠) وهو قول الفراء أيضا في معاني القرآن ١/ ٣٨، وابن قتيبة في تفسير غريب القرآن ٥٠، وعزي إلى الأخفش في إعراب القرآن ١/ ٢٢٧، والتبيان في تفسير القرآن ١/ ٢٥٩.
(١١) ينظر: التبيان في تفسير القرآن ١/ ٢٥٩، والمحرر الوجيز ١/ ١٤٩، ومجمع البيان ١/ ٢٢٤.
(١٢) ينظر: الصحاح ٦/ ٢٣٨١ (سلا)، وتفسير البغوي ١/ ٧٥ وعزاه إلى المؤرّج، وزاد المسير ١/ ٧١ وعزاه إلى ابن الأنباري، وغلّط ابن عطيّة هذا القول في المحرر الوجيز ١/ ١٤٩، وردّ عليه القرطبي في تفسيره ١/ ٤٠٧ - ٤٠٨.
(١٣) أبو ذؤيب الهذلي، ديوان الهذليين ١/ ١٥٨.
(١٤) ليس في ب، وبعدها في ع وفي حاشية الأصل: حقا، و (جهدا) ساقطة من ك.