قصّة موسى عليه السّلام: ﴿كَلاّ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ (١) [الشعراء: ٦٢]، وفي قصّة نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم: ﴿لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا﴾ [التوبة: ٤٠].
١٥٤ - ﴿أَمُوتُ:﴾ جمع مائت، كأصحاب جمع صاحب. وقيل: جمع مويت، كأشراف وشريف (٢).
و ﴿أَحْياءٌ:﴾ جمع حيّ (٣)، وحيّ على وزن (فعيل) في الأصل.
واختلفوا في حياة الشهداء فمن الناس من ذهب إلى المجاز، وإلى بقاء ذكرهم والثّناء عليهم (٤)، كما قال الشاعر (٥): [من البسيط]
موت التّقيّ حياة لا انقضاء لها … قد مات قوم وهم في النّاس أحياء (٦)
وهذا غير صحيح لقوله: ﴿يُرْزَقُونَ (١٦٩) فَرِحِينَ﴾ [آل عمران: ١٦٩ - ١٧٠].
وذهب بعضهم إلى أنّهم لم يذوقوا الموت وإنّما انسلخوا عن أشباحهم التي هي كالقوالب لهم، وهم أجسام رقيقة حسّاسة من لطائف أشباحهم الكثيفة لا تبلى بعد الإخلاص (٧). وهو غير صحيح لما روي أنّه كان (٨) فيما يتلى: بلّغوا عنّا إخواننا أنّا (٩) لقينا ربّنا فرضي عنّا وأرضانا (١٠)، وقال صلّى الله عليه وسلّم: (من أحبّ لقاء الله أحبّ الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه) (١١)، والموت دون لقاء الله.
وذهب بعضهم إلى بعث نفوسهم التي ذكرنا دون جثثهم الكثيفة بعد ذوقهم الموت في ساعة لطيفة مقدار ما شاء الله لما روي أنّ الله تعالى جعل أرواحهم في حواصل طير خضر تسرح في الجنّة (١٢)، قيل: هي نفوسهم إذ النفس يعبّر عنها بالرّوح (١٣)، روي أنّ جعفرا يطير مع
_________
(١) ليس في ك.
(٢) وقد مرّ أنّ أصل (ميّت) عند الفراء: مويت، ينظر: شرح شافية ابن الحاجب ٢/ ١٧٦، ولسان العرب ٢/ ٩١ (موت).
(٣) ينظر: لسان العرب ١٤/ ٢١٢ (حيا).
(٤) ينظر: البحر المحيط ١/ ٦٢١.
(٥) عزي إلى سابق البربري في زهر الأكم في الأمثال والحكم ١/ ٤٠٨، وهو بلا عزو في تاريخ بغداد ١٣/ ٢٠٧، والمستطرف ١/ ٣١٣.
(٦) ساقطة من ب.
(٧) ينظر: أحكام القرآن للجصاص ١/ ١١٥.
(٨) في ب: كانوا، و (أنه كان) ساقطة من ك، وكذا (يتلى) الآتي قريبا.
(٩) ساقطة من ب.
(١٠) ينظر: مسند أحمد ٣/ ١٠٩ و ٢١٠ و ٢١٥ و ٢٨٩، وصحيح البخاري ٣/ ١٠٣١ و ١١١٥ و ٤/ ١٥٠٠ و ١٥٠١، ونواسخ القرآن ٣٧.
(١١) صحيح البخاري ٥/ ٢٣٨٦ و ٢٣٨٧، ومسلم ٤/ ٢٠٦٥ و ٢٠٦٦ و ٢٠٦٧، وسنن النسائي ٤/ ٩ و ١٠.
(١٢) ينظر: مسند الحميدي ١/ ٦٦، وصحيح مسلم ٣/ ١٥٠٢، والجهاد ١/ ٢١٦ - ٢٢١ و ٢/ ٥١٠ و ٥١٧ - ٥١٩ و ٥٢١.
(١٣) في الأصل وك وب: يعبر بها عن الروح، بدل (يعبر عنها بالروح). وينظر: أحكام القرآن للجصاص ١/ ١١٥، والتبيان في تفسير القرآن ٢/ ٣٦، والتفسير الكبير ٤/ ١٤٩.