العمرة التي (١) صدّ عنها المشركون بالحديبية.
﴿وَالْحُرُماتُ:﴾ المحرّمات، أي: بعضها (٢) قصاص ببعض مثل: القتل بالقتل والجرح بالجرح (٣). وقيل: الحرمات حرمة الشهر والإحرام والحرم (٤). وفيه اختصار، وتقديره: الحرمات بالحرمات قصاص.
﴿مَعَ الْمُتَّقِينَ:﴾ بالنّصرة والولاية (٥).
١٩٥ - ﴿وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ:﴾ روى حيوة بن شريح عن يزيد بن أبي حبيب عن أسلم قال: حمل (٦) رجل من المسلمين على صفّ الرّوم حتى دخل فيهم، فصاح به الناس فقالوا: يلقي بيديه إلى التّهلكة، فقام أبو أيّوب الأنصاريّ وقال: أيّها الناس إنّكم لتؤوّلون (٧) هذه الآية على هذا التأويل، وإنّما هي نزلت فينا معشر الأنصار، لمّا قوي الإسلام وكثر ناصروه هممنا أن نقيم في أموالنا ونصلح ما ضاع منها، فردّ الله تعالى ذلك علينا، وأنزل قوله: ﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ،﴾ فكانت التّهلكة الإقامة في الأموال وإصلاحها، فما زال أبو أيّوب شاخصا في سبيل الله حتى دفن بالرّوم (٨).
وروي أنّ رجلا من أزد شنوءة تقدّم وحده إلى الكفّار في محاصرة دمشق، فردّه المسلمون وأتوا (٩) به عمرو بن العاص، فلامه وأنكر عليه وقال: إنّ الله تعالى يقول: ﴿وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ (١٠).
وقول أبي أيّوب أصحّ؛ لأنّه شهد النّزول وعرف البيان، وما كان من جعفر الطيّار يوم مؤتة، غير أنّ الرجل إذا ضيّع نفسه ولم يقاتل وتعرّض للقتل فإنّا نرى فيه رأي عمرو بن العاص حينئذ؛ لأنّه كالقاتل نفسه (١١).
_________
(١) ساقطة من ب، وبعدها: المشركين، بدل (المشركون)، وهو خطأ.
(٢) ساقطة من ب.
(٣) ينظر: التبيان في تفسير القرآن ٢/ ١٥٠، والبحر المحيط ٢/ ٧٧.
(٤) ينظر: تفسير الطبري ٢/ ٢٧١، ومعاني القرآن الكريم ١/ ١٠٩، وتفسير البغوي ١/ ١٦٣.
(٥) ينظر: التفسير الكبير ٥/ ١٣٥، والبحر المحيط ٢/ ٧٨، وتفسير القرآن العظيم ١/ ٢٣٥.
(٦) في ك: حمله، والهاء مقحمة.
(٧) في ب: لتوالون.
(٨) في ك: في الروم. وينظر: سنن الترمذي ٥/ ٢١٢، والسنن الكبرى للنسائي ٦/ ٢٩٩، والمستدرك ٢/ ٣٠٢.
(٩) في ك: أتوا، والواو ساقطة.
(١٠) ينظر: تفسير القرآن العظيم ١/ ٢٣٦.
(١١) ينظر: سبل السّلام ٤/ ٥١.


الصفحة التالية
Icon