﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ:﴾ أراد أن يأتي بالعمرة وجبت عليه لتحلّله عن الحجّ بغير فعله، وبالحجّة التي هي قضاء عن الحجّة المفروضة، وأراد أن يجمعهما بإحرامين في أشهر الحجّ في سفر واحد؛ لأنّه (١) يكون متمتّعا (٢)، ولو جمع بينهما جامع تطوّعا أو من نذر فحكمه كذلك.
﴿فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ:﴾ في أشهر الحجّ (٣).
﴿تِلْكَ عَشَرَةٌ:﴾ للتأكيد (٤)، قال (٥): [من الوافر]
ثلاث بالغداة فهنّ حسبي … وستّ حين تدركني العشاء
فذلك تسعة في اليوم ربّي … وشرب المرء فوق الرّيّ داء
﴿حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ:﴾ النازلين بين البيت والمواقيت التي وقّتها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (٦).
١٩٧ - ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ:﴾ نزلت في شؤون كثيرة: ذكر أشهر الحجّ، والنهي عن الأشياء الثلاثة (٧)، والأمر بالزّاد والرّاحلة، وإباحة التّجارة في الإحرام، وإيجاب الوقوف لذكر الله تعالى بالمشعر الحرام.
و (الحجّ) فعل، والأشهر ظرف. وجعل الفعل مبتدأ والظرف خبرا على أحد تقديرين (٨):
أحدهما: على حذف المضاف، أي: مدّة الحجّ أشهر، تقول العرب: الحرّ شهران والبرد شهران (٩)، والثاني: أن تجعل الظرف مقدّرا للمبتدأ ومقدار (١٠) الشيء صفة له، كما تقول: هذه الحنطة صاع وهذا الشعير قفيز (١١).
والأشهر المعلومات (١٢): شوّال وذو القعدة وعشر من ذي الحجّة (١٣). وإنّما أطلق اسم
_________
(١) بعدها في ب: لا، وهي مقحمة.
(٢) ينظر: تفسير الطبري ٢/ ٣٣٤ - ٣٣٧، والبغوي ١/ ١٧٠، والقرطبي ٢/ ٣٩١.
(٣) ينظر: الوجيز ١/ ١٥٦، والكشاف ١/ ٢٤١، والمحرر الوجيز ١/ ٢٧٠.
(٤) ينظر: تفسير الطبري ٢/ ٣٤٨، والنكت والعيون ١/ ٢١٥، وتفسير البغوي ١/ ١٧٠.
(٥) بلا عزو في تفسير القرطبي ٢/ ٤٠٣، وفتح القدير ١/ ١٩٧. وعزيا إلى الأعشى في البحر المحيط ٢/ ٨٨، والدر المصون ٢/ ٣٢٠، ولم أقف عليهما في ديوانه.
(٦) ينظر: النكت والعيون ١/ ٢١٥، وتفسير البغوي ١/ ١٧١، والكشاف ١/ ٢٤٢.
(٧) يريد قوله في الآية نفسها: فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ.
(٨) النسخ الثلاث: تقديرهما.
(٩) ينظر: معاني القرآن للفراء ١/ ١١٩، والكشاف ١/ ٢٤٢، وتفسير البيضاوي ١/ ٤٨٢.
(١٠) في الأصل وك وب: أو مقدار، وفي ع: أو مقدرا لشيء، بدل (ومقدار الشيء)، والسياق يقتضي ما أثبت.
(١١) ينظر: البحر المحيط ٢/ ٩٣ - ٩٤.
(١٢) في ك: المعلومة.
(١٣) ينظر: تفسير مجاهد ١/ ١٠١، وسفيان الثوري ٦٢، والنكت والعيون ١/ ٢١٦ وعزاه إلى أبي حنيفة.