فهوّن القتال مع كبره بجنب الصدّ والكفر اللذين دعوا إلى القتال، لتكون (١) الجريمة من جهة (٢) الكفّار، ولا يحزن المسلمون بمباشرتهم القتال المحظور سهوا (٣).
ثمّ أخبر عن عقيدة الكفّار فقال: ﴿وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ﴾ أي: لا يبرحون عن قتالكم (٤).
﴿إِنِ اِسْتَطاعُوا:﴾ "إن قدروا" (٥).
ثمّ حذّر المؤمنين ﴿وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ،﴾ أي: يرتدّ، وهو لغة (٦).
﴿فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ [أَعْمالُهُمْ] (٧)﴾: بطلت أعمالهم (٨)، قيل: اشتقاقه من الحبوط، وحبوط العمل من حبط الدابّة وهو أن تفرط في أكل العشب (٩) حتى تنتفخ بطنها فتموت حبطا (١٠).
٢١٨ - قيل: لمّا هوّن الله تعالى أمر القتال وخفّف عن المسلمين ذلك طمعوا أن يكتب ذلك لهم جهادا فيثابوا عليه، فأنزل الله ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا،﴾ ثمّ عطف عليه ﴿وَالَّذِينَ هاجَرُوا﴾ للجمع بين المؤمنين الذين لم (١١) يبتلوا بالقتال في الشهر الحرام وبين المهاجرين الذين ابتلوا به خاصّة (١٢).
و (المهاجرة): المفارقة في اللغة (١٣). وهي في الإسلام رتبة لقوم هجروا أوطانهم وإخوانهم إلى الحبشة ثمّ إلى المدينة لوجه الله (١٤). كما ختم الله النّبوّة بمحمّد صلّى الله عليه وسلّم ختم الهجرة بعمّه عبّاس فيما يروى (١٥).
_________
(١) في الأصل: ليكون، وهو تصحيف.
(٢) في ك وع: جنبة.
(٣) ينظر: الكشاف ١/ ٢٥٩.
(٤) ينظر: تفسير القرآن العظيم ١/ ٢٦١، وتفسير البيضاوي ١/ ٥٠٢.
(٥) ينظر: التفسير الكبير ٦/ ٣٥، وتفسير القرآن الكريم ١/ ٦٢٣، ومجمع البيان ٢/ ٧٥.
(٦) ينظر: معاني القرآن للأخفش ١/ ٣٦٦، والبحر المحيط ٢/ ١٥٩.
(٧) من ب.
(٨) ينظر: غريب القرآن وتفسيره ٩٢، وتفسير غريب القرآن ٨٢، والنكت والعيون ١/ ٢٢٨.
(٩) في ب: الشعب، وهو تحريف.
(١٠) ينظر: مفردات ألفاظ القرآن ٢١٦ (حبط)، ومجمع البيان ٢/ ٧٢ - ٧٣.
(١١) ساقطة من ب.
(١٢) ينظر: زاد المسير ١/ ٢١٥ - ٢١٦، وتفسير القرآن العظيم ١/ ٢٦٢.
(١٣) ينظر: تفسير البغوي ١/ ١٩٠، والتفسير الكبير ٦/ ٣٩، والجواهر الحسان ١/ ٤٣٩.
(١٤) ينظر: لسان العرب ٥/ ٢٥١ (هجر).
(١٥) ينظر: مسند أبي يعلى ٥/ ٥٥، والمعجم الكبير ٥/ ١٥٤، ومجمع الزوائد ٩/ ٢٦٨ - ٢٦٩.


الصفحة التالية
Icon