السّديّ، إسماعيل بن عبد الرحمن (ت ١٢٧ هـ):
وقد نقل عنه روايات كثيرة في التفسير، فحين تحدّث عن استخبار الملائكة في قوله تعالى:
﴿قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ﴾ [البقرة: ٣٠] قال: «وإنّما علموا الفساد وسفك الدماء بإخبار الله تعالى في رواية السدّي» (١).
وحين نقل رأي أبي حنيفة في الصّابئين في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (٦٢) [البقرة: ٦٢] ذكر بعد ذلك موافقة السدّي له فقال:
«والصّابئون: أهل كتاب عند أبي حنيفة تحلّ مناكحتهم وذبائحهم، ووافقه السدّي» (٢).
ولمّا نقل روايات المفسرين عن البقرة في قوله تعالى: ﴿قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ﴾ [البقرة: ٧١] روى عنهم أنّها وحدت عند غلام، ونقل عنه قوله:
«كان الغلام بارّا بأبيه، جاءه رجل بلؤلؤ فابتاعه منه بسبعين ألفا، وكان في اللؤلؤ فضل، فقال:
إنّ أبي نائم والمفتاح تحت وسادته، فأنظرني ولك عشرة آلاف زيادة، فقال الرجل: وأنا أحطّ عشرة آلاف على أن توقظ أباك، قال الغلام: وأنا أزيد عشرين على أن تنظرني ساعة، فلم يزل يزيد هذا ويحطّ ذلك حتى استيقظ أبوه، فأعقبه الله ببرّه بأبيه نفاسة تلك البقرة حتى اشتروها بوزنها عشر مرّات ذهبا» (٣).
وفي حديثه عن سبب نزول قوله تعالى: ﴿وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٢] نقل «عن السدّيّ أنّ جابر بن عبد الله عضل ابنة عمّ له فأنزل الله الآية» (٤).
وفي كلامه على قوله تعالى: ﴿إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [آل عمران: ٥٥] ذكر اختلاف المفسرين في المصلوب بدلا من عيسى عليه السّلام ومنها قول السدي: «المصلوب رئيس من رؤساء اليهود، دخل ليخرج عيسى عليه السّلام من بيته فألقى الله مثاله عليه، ورفعه عليه السّلام» (٥).
_________
(١) درج الدرر ٣٤.
(٢) درج الدرر ٧٤.
(٣) درج الدرر ٨٥.
(٤) درج الدرر ٢٤٠.
(٥) درج الدرر ٣١٧.