٥١ - ﴿إِذْ راوَدْتُنَّ:﴾ أسند إليهنّ قبل اعترافهنّ؛ لأنّهنّ كنّ قد تعاونّ وتظاهرنّ في المراودة ولذلك اختار (١) السجن، وكان الأمر قد فشا (٢) في البلد واستفاض، ولكن لا يعلمون هل مال إليهنّ يوسف أم لا؟ وهل أطاع بعضهنّ أم لا؟، فكان السؤال لاستبانة هذا المستتر، فبرأنه و ﴿قُلْنَ حاشَ لِلّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ.﴾
و ﴿قالَتِ اِمْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ:﴾ ظهر وتبيّن الحق، (٣) أي: حقيقة الأمر، أو حقيقة الأمر ذلك، أي: توقفي في السجن، ومطالبتي بالسوء (٤).
٥٢ - إنّما كان ليعلم الملك ﴿أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ﴾ بتحريف الغيب الذي أوحاه الله إليّ في تأويل رؤياه، كما لم أخن العزيز، أو ليعلم العزيز أنّي لم أخنه في امرأته فظهر الغيب.
وقيل: إنّه من كلام المرأة، أي (٥): أعترف (٦) بالمراودة، ليعلم يوسف أنّي لم أخنه (١٦٧ ظ) بظهر الغيب في الافتراء عليه، (٧) إلا أنّه يشكل بقوله: ﴿وَأَنَّ اللهَ﴾ بفتح الهمزة، فإنّه معطوف على المعلوم الأول، وذلك لا يكون إلا من يوسف.
٥٣ - ﴿وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي:﴾ أراد التنبيه على توفيق الله وعصمته، ونفي الرياء (٨) والعجب. (٩)
﴿إِلاّ ما رَحِمَ رَبِّي:﴾ استثناء منقطع، (١٠) أي: لكن من رحم ربّي، فهو المعصوم. وقيل:
استثناء متصل تقديره: إلا رحمة من ربي. (١١) وقيل: هو كلام المرأة برّأت يوسف [ولم تبرّئ (١٢) نفسها] (١٣). (١٤)
_________
(١) ك: اختيار.
(٢) ع: شفا.
(٣) ينظر: تفسير غريب القرآن ٢١٨، وتفسير الوسيط ٢/ ٦١٧، وتفسير الماوردي ٣/ ٤٧.
(٤) ك وع وأ: السؤال.
(٥) ع: التي.
(٦) ك وع وأ: اعتراف.
(٧) ينظر: المحرر الوجيز ٧/ ٥٣٧، والتفسير الكبير ٦/ ٤٦٨، والدر المصون ٤/ ١٩٣، وفتح القدير ٣/ ٤٨.
(٨) ك: الرءيا، وفي أ: الزنا.
(٩) ينظر: تفسير الخازن ٢/ ٥٣٤، واللباب في علوم الكتاب ١١/ ١٣٢.
(١٠) ينظر: المحرر الوجيز ٨/ ٢، والبحر المحيط ٦/ ٢٩٠، واللباب في علوم الكتاب ١١/ ١٣٣، وقال ابن عطية: وهو قول الجمهور.
(١١) ينظر: اللباب في علوم الكتاب ١١/ ١٣٢، وحاشية زاده ٥/ ٤٧، وفتح البيان ٦/ ٣٥٤،.
(١٢) ك: تبرر.
(١٣) سواد في الأصل.
(١٤) ينظر: التفسير الكبير ٦/ ٤٧٠، وتفسير الخازن ٢/ ٥٣٤، وقال زاده: هذا كلام لا يحسن صدوره إلا ممن يحترز عن المعاصي فلذلك لم يرض أن يكون من كلام المرأة، ثم ذكر هذا على سبيل كسر النفس وذلك لا يليق بالمرأة التي استفرغت جهدها في المعصية. ينظر: حاشية زاده ٥/ ٤٨. وقال ابن القيم مصوبا هذا الرأي: إنّ الضمائر كلها في نسق واحد. ينظر: بدائع التفسير ٢/ ٤٤٧.


الصفحة التالية
Icon