بيته. قالوا: فوفّى له الملك إلى أن توفي هذا الملك، وقام مقامه قابوس بن مصعب فهو الذي نكث العهد، وارتد عن الرشد. (١)
٥٦ - ﴿وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ:﴾ عام في المؤمنين وغيرهم، والدليل: استفادة الكافر المحسن في سيرته بقاء (٢) الملك، وحسن الثناء عليه، ولذلك خص المؤمنين في الآية الثانية بأجر الآخرة، وهو ما أعد الله للمؤمنين في (٣) الآخرة، فذلك خير.
٥٨ - ﴿وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ:﴾ لما عزّت الميرة بأرض كنعان، وسمعوا بأن رجلا يمير الناس، قصدوه مع كل واحد منهم بعير.
﴿فَدَخَلُوا عَلَيْهِ:﴾ على زيّهم المعهود.
﴿فَعَرَفَهُمْ:﴾ وهم لم يعرفوه؛ لأنهم شاهدوه على غير زيّه المعهود.
﴿وَهُمْ لَهُ:﴾ إياه ﴿مُنْكِرُونَ.﴾
٥٩ - ﴿وَلَمّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ:﴾ والتجهيز: أن تصحب الغائب حاجته، والجهاز اسم منه.
﴿بِأَخٍ لَكُمْ:﴾ بنيامين، فيه دليل: أن يوسف عليه السّلام بدأ بذكره، ولو بدؤوه لقال:
بالأخ لكم، أو بأخيكم. روي: أنه قال لإخوته: من أنتم؟ قالوا: نحن أولاد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم. فقال: ولدكم ثلاثة من الأنبياء ما تشبهون أن تكونوا كذلك، وأوعز إلى الوكيل بإكرامهم، وحسن قراهم.
فلما دخلوا عليه ثانيا من الغد، فقال لهم: من أنتم؟ فقالوا: أخبرناك بالأمس، قال: أنتم باللصوص أشبه، وتجهمهم، ونظر إليهم شزرا (٤)، فقالوا فيما بينهم: هذا العزيز يكرمنا، ويحسن قرانا إذا غبنا عنه، ويتجهمنا، وينظر إلينا شزرا إذا حضرناه، فلا يكونن سامعا بما صنعنا بأخينا، فإنه قاصمة الظهر، والبلاء الفادح، والأمر الفاضح، ودخلوا عليه بعد ذلك والصاع بين يديه، فقال للحاجب: انقره نقرة، فنقر (١٦٨ ظ) الحاجب، فطنّ طنينا، قال لإخوته: أتدرون ما يقول هذا الصاع؟ قالوا: لا، قال: يقول: إنكم خائنون سارقون، خنتم أباكم، وبعتم أخاكم، وأحلتم الذنب على الذئب، ثم أمر الحاجب، فنقر الصاع نقرة أخرى، قال: أتدرون ما يقول؟ قالوا: لا، قال: يقول: طرحتم أخاكم في البئر، وبعتموه بثمن يسير، فتعجبوا، وأفحموا (٥) عن الجواب،
_________
(١) ينظر: الكشاف ٢/ ٤٥٥ - ٤٥٦، والمنتظم في تاريخ الملوك والأمم ١/ ٣١٤، وقصص الأنبياء ١١٣.
(٢) أ: تلك.
(٣) (في الآية... للمؤمنين في)، ساقطة من أ.
(٤) ك: شزارا، وكذلك لاحقتها.
(٥) ع: فحموا.


الصفحة التالية
Icon