٢ - ﴿وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ:﴾ اتصالها من حيث ذكر المسجد الأقصى، الذي هو قبلة بني إسرائيل، ومن حيث قوله: ﴿لِنُرِيَهُ (١)﴾ مِنْ آياتِنا [الإسراء: ١] الكبرى، فإنّ (٢) رؤية موسى وأنبياء بني إسرائيل عليهم السّلام ليلتئذ من الآيات.
٣ - ﴿ذُرِّيَّةَ:﴾ لنريه ذريّة ﴿مَنْ حَمَلْنا،﴾ وهم الأنبياء الذين أراه الله إيّاهم ليلتئذ.
والثاني: أنّه بدل من موسى، أو كالصفة له، فإنّه كان من ذريّة نوح عليه السّلام، فعلى هذا الضمير في قوله: ﴿إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً﴾ عائد إلى موسى عليه السّلام. والثالث: أنّ الاتخاذ يقتضي مفعولين مكان (٣) الذرية ﴿مِنْ دُونِي﴾ [الإسراء: ٢] أن لا يتوكّلوا على من يجانسهم في الخلقة والحاجة. والرابع: اسم مضاف، فانتصب حرف النداء.
وعن عمران بن سليم (٤): إنّما سمّي نوح عبدا شكورا؛ لأنّه كان إذا أكل طعاما قال: الحمد لله الذي أطعمني، ولو شاء أجاعني، وإذا شرب شرابا قال: الحمد لله الذي سقاني، ولو شاء أظمأني، وإذا اكتسى قال: الحمد لله الذي كساني، ولو شاء أعراني، وإذا احتذى (٥) قال: الحمد لله الذي حذاني، ولو شاء أحفاني، (٦) وإذا قضى حاجة قال: الحمد لله الذي أخرج عني أذاه، (٧) ولو شاء حبسه. (٨)
٤ - ﴿وَقَضَيْنا:﴾ أوحينا وأعلمنا، كقوله: ﴿وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ﴾ [الحجر: ٦٦].
﴿لَتَعْلُنَّ (٩)﴾ عُلُوًّا كَبِيراً: أي: لتعتنّ عتوّا كبيرا، ومنه قوله: ﴿أَلاّ تَعْلُوا عَلَيَّ﴾ [النمل: ٣١] وقوله: ﴿لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ﴾ [القصص: ٨٣].
٥ - ﴿وَعْدُ أُولاهُما:﴾ وعيد أولى المرتين.
﴿فَجاسُوا:﴾ تخللوا، فقتلوا (١٠).
_________
(١) ك: لنريك.
(٢) ع: قال.
(٣) أ: وكان.
(٤) عمران بن سليم الكلاعي، قاضي حمص. ينظر: التاريخ الكبير للبخاري ٦/ ٤١٢، والجرح والتعديل ٦/ ٢٩٩، والثقات لابن حبان ٥/ ٢١٩.
(٥) احتذى يحتذي إذ لبس نعليه. النهاية في غريب الأثر ١/ ٣٤٤، ولسان العرب ١٤/ ١٦٩.
(٦) سقطت من ع كلمة: حذاني، وبدلا من أحفاني: حفاني.
(٧) ع وأ: أذاه في عفاه.
(٨) ينظر: تفسير الطبري ٨/ ١٩، وتاريخ دمشق ٦٢/ ٢٧٤، وتفسير القرطبي ١٠/ ١٤٠، وعمدة القارئ ١٩/ ٢٦.
(٩) أ: ليعلن، وبعدها ليعتن.
(١٠) الأصول المخطوطة: فعطوا، وما أثبت من تفسير الطبري ٨/ ٢٦ وقال: «وجائز أن يكون معناه: فجاسوا خلال الديار، فقتلوهم ذاهبين جائين».


الصفحة التالية
Icon