شيئا شاقا صلبا بعيدا من التركيب الحيواني القابل للموت والحياة، كقولهم: عش رجبا ترى عجبا. (١)
(الحديد): هو الجوهر المنطبع المختصّ بالفرند (٢).
٥١ - ﴿أَوْ خَلْقاً مِمّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ:﴾ أو (٣) شيئا تستعظمونه، وترونه أصبر على مرّ الزمان من الحجارة والحديد. وعن ابن عباس ومجاهد: أنّه الموت يوم بدر، لا بدّ من العود، وإن كنتم عين الموت. (٤) وقال عبد الله بن عمرو بن العاص (٥): المراد به البعث. (٦)
﴿فَسَيُنْغِضُونَ:﴾ فسيحرّكون.
٥٢ - ﴿يَوْمَ يَدْعُوكُمْ:﴾ العامل فيه ﴿عَسى أَنْ يَكُونَ﴾ [الإسراء: ٥١] أي: يكون العود، وهو البعث يومئذ على ما قال عبد الله بن عمرو.
﴿فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ:﴾ أي: فتقومون من قبوركم مستجيبين للداعي، معترفين بأنّ الله هو الإله الواحد المعبود المحمود في صفاته. ويحتمل: أنّ المؤمنين يشكرون لله يومئذ، ويحمدونه، فتلقف (٧) ذلك منهم المشركون، لا يهتدون إلى كلام غير ذلك حالة البعث من شدّة الهول.
﴿وَتَظُنُّونَ (٨)﴾ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاّ قَلِيلاً: لمكان (٩) شدّة الهول، ينسون عذاب القبر. ويحتمل:
لمكان الرقدة التي بين خراب الدنيا وقيام الآخرة، ومدّتها على ما روي أربعون سنة، (١٠) ولا يبعد أن يكون المراد: يوم بدر، وبالدعاء ألقى [في] (١١) قلوبهم من همّة البروز إلى مصارعهم، وباستجابتهم خروجهم إلى ذلك على نشاط ورضى منهم، مرحين (١٢) غير مكرهين، وبظنّهم أنّهم لم يلبثوا إلا قليلا، استيقانهم عند ذوق السيف، أنّهم لم يؤجّلوا (١٩٠ ظ) بعد الوعيد إلا قليلا.
_________
(١) ينظر: كتاب الأمثال لأبي عبيد ٣٣٨، وأمثال العرب للمفضل ٦٢.
(٢) الفرند: هو وشي السيف، وقيل: السيف نفسه. ينظر: لسان العرب ٣/ ٣٣٤، والقاموس المحيط ١/ ٣٢٣.
(٣) ك: أي.
(٤) ينظر: تفسير الطبري ٨/ ٨٩، وزاد المسير ٥/ ٣٣، وابن كثير ٣/ ٦٣ من غير ذكر يوم بدر.
(٥) أبو محمد عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل القرشي السهمي، الإمام الحبر العابد، توفي سنة ٦٣ هـ‍. ينظر: نسب قريش ٤١١، جمهرة أنساب العرب ١٦٣، والاستيعاب ٣/ ٩٥٦.
(٦) ينظر: الماوردي ٣/ ٢٤٨ عن الكلبي وليس عن ابن عمرو.
(٧) ع وأ: فيتلقف.
(٨) الأصول المخطوطة: فتظنون.
(٩) ع: المكان.
(١٠) ينظر: صحيح البخاري (٤٨١٤)، وصحيح مسلم (٢٩٥٥)، وشعب الإيمان للبيهقي ١/ ٣١٤، وإثبات عذاب القبر ١/ ١٢٩.
(١١) زيادة يقتضيها السياق.
(١٢) ع: بمرحين، وأ: من حين.


الصفحة التالية
Icon