٦٦ - ﴿يُخَيَّلُ إِلَيْهِ:﴾ يظهر الخيال، والخيال: كيفيّة باطلة تتولّد بين الرائي والمرئي بعلل مختلفة، والأخيل: طائر يتلوّن بألوان مختلفة يتشاءم به العرب.
٦٧ - ﴿فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً:﴾ لأنّ طبيعة الإنسان مجبولة على قلّة احتمال مشاهدة الأشياء الهائلة، وإن كان موقنا ببطلانها، والدليل على ذلك أنّ الإنسان يستأنس بالصور المنقوشة في الجدار إن كانت صور المتصدرين في الغياض (١)، والمتماشين في الرياض، ويستوحش (٢) إن كانت صور القتلى والغرقى والحيات والعقارب.
٧١ - ﴿إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ:﴾ إنما اتّهمه فرعون بغيبته إلى مدين سنين، وجفا على أهل مصر، وإنّما اجترأ بالتهديد على السحرة دون موسى؛ لأنّه أيقن بتمويهات السحرة، ونفاية (٣) أمرهم وتأثيرهم، فلم يخف من جانبهم، وأمّا موسى عليه السّلام فكان لا يدرك مدى أمره، فلذلك (٢١٤ و) كان يحذره.
﴿فِي جُذُوعِ النَّخْلِ﴾ أي: عليها.
٧٢ - ﴿وَالَّذِي فَطَرَنا:﴾ قسم، ويجوز أن يكون معطوفا على المجرور من غير تكرار (٤) الجارّ. (٥)
﴿ما أَنْتَ قاضٍ:﴾ في محلّ النصب، أي: قاض قضاءك.
٧٣ - ﴿وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ:﴾ إنّما وصفوا فرعون بالإكراه؛ لأنّهم كانوا مستيقنين بأنّ فرعون لا يخلّي من لم يتسارع إلى هواه سالما. وقيل: كان يكلّف الغلمان أن يتعلّموا السحر، ويسلط عليهم المعلمين، فكان ابتداء أمرهم على الإكراه. (٦) ويحتمل: أنّهم نفوا عنه الإكراه، وإنّ تقدير الآية: أن تغفر لنا خطايانا من السحر ولم تكرهنا عليه، فإن كان كذلك فلم يريدوا بذلك تزكيته، ولكنّهم أرادوا تحقيق الاعتراف بما أوجب الاستغفار، وكيف ما كان تقدير الآية وتفسيرها، ففيها دلالة على انتهاء أعمالهم لم يكن على سبيل الإكراه.
﴿مُجْرِماً﴾ (٧): بالكفر بدليل الآية التي تليها على سبيل الإطباق (٨)، وإنّما علموا هذا
_________
(١) جمع غيضة وهي الشجر الملتف. النهاية في غريب الحديث والأثر ٣/ ٤٠٢، ولسان العرب ٧/ ٢٠٢.
(٢) أ: استوحش.
(٣) نفاية أمرهم: رداءته. ينظر: لسان العرب ١٥/ ٢٣٨.
(٤) ع: تكرير.
(٥) ينظر: مشكل إعراب القرآن ٤٤٢، والبيان في غريب إعراب القرآن ٢/ ١٢٢، والتبيان في إعراب القرآن ٢/ ١٤٣.
(٦) ينظر: تفسير السمعاني ٣/ ٣٤٣، وتفسير ابن كثير ٣/ ٢١٦، والدر المنثور ٥/ ٥١٦ عن الحسن.
(٧) غير موجودة في الأصل وك، وهي من ع.
(٨) يريد بذلك الطباق، يدل عليه ما بعده. والطباق هو: الجمع بين الشيء وضده في جزء من أجزاء الكلام. ينظر: الصناعتين ٣٣٩.


الصفحة التالية
Icon