٩١ - ﴿وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها:﴾ عورتها.
﴿فَنَفَخْنا فِيها:﴾ قيل: إنّ جبريل عليه السّلام نفخ في جيبها. (١) وقيل: في كمّها.
وقيل: في ذيلها. (٢) وفي التحريم ﴿فَنَفَخْنا فِيهِ﴾ [التحريم: ١٢] هاهنا راجع إلى العورة، وهناك إلى لفظ الفرج. وقيل: التأنيث راجع إلى الوالدة، والتذكير إلى الولد.
﴿وَجَعَلْناها وَاِبْنَها آيَةً:﴾ وهما اثنان؛ لأنّ كرامة مريم كانت معجزة ولدها، كقوله: ﴿لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ﴾ [البقرة: ٦١].
٩٢ - والقول مضمر في قوله: ﴿إِنَّ هذِهِ (٣)﴾ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً يعني: قوم عيسى عليه السّلام.
٩٣ - ﴿وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ﴾ (٢٢٤ ظ) ﴿بَيْنَهُمْ:﴾ قيل: إنّ الله تعالى لّما رفع (٤) عيسى بن مريم عليه السّلام، وزعمت اليهود أنّهم قتلوه وصلبوه، وشكّ فيه كثير ممّن اتّبعه أيضا إلا نفر من الحواريين وأربعة من تلامذته، والخمسة النفر ويهودا بن نبي، فإنّهم لم يشكّوا أنّ الله رفعه، وكان عليه السّلام قد أوصى تلامذته أن يخرجوا دعاة إلى الله تعالى، وسمّى لكلّ رجل بلدة، وقال: إذا أتى الرجل منكم البلدة التي سمّيت له، فليقل: إنّي رسول المسيح عيسى بن مريم رسول الله، أدعوكم إلى توحيد الله وعبادته، وإنّ آية كلّ رجل منكم أن ينطق الله لسانه بلغة القوم الذين أرسل إليهم، فلمّا رفعه الله إليه خرج كلّ رجل إلى البلدة التي سمّيت له داعيا إلى توحيد الله وعبادته، وأقام بقية الحواريين والتلامذة على منهاج عيسى عليه السّلام وشريعته حتى مات خيارهم من أولئك الرسل وغيرهم من الحواريين والتلامذة، ومات أهل الدين والورع منهم، وبقي أتباع الحواريين وتلامذة التلامذة، فاختلفوا (٥)، وتنازعوا الرئاسة فيما بينهم، وابتدع كلّ رجل منهم بدعة ضلال، فضلّوا وأضلّوا.
٩٤ - (كفران السّعي): تركه بلا ثواب، كما أنّ كفران النعمة تركها بلا ثناء.
٩٥ - ﴿أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ:﴾ كالترجمة للتحريم، إذ التحريم في معنى القول كقوله: ﴿قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ﴾ [الأنعام: ١٥١]، والتحريم قد يكون تحريم إلجاء، وقد يكون تحريم ابتلاء، والرجوع قد يكون توبة كقوله: ﴿وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا﴾ [الإسراء: ٨]، وقد يكون
_________
(١) ينظر: زاد المسير ٥/ ٢٨٣.
(٢) فتح القدير
(٣) محذوفة من أ.
(٤) ع: رفع الله.
(٥) أ: واختلفوا.


الصفحة التالية
Icon