عن الإتيان بمثله وهم لسن (١) فصحاء، فبهرت معجزته، وظهرت دلالته صلى الله عليه وعلى آله صلاة تنمو أبدًا، وتتصل مددًا ما تناوب (٢) الصباح والمساء، وانطبق على الأرض السماء.
وبعد: فمنذ دهر تحدثني نفسي بأن أعلق لمعاني (٣) إعراب القرآن وتفسيره: فِقَرًا (٤) في الكشف عن غوامض معانيه، ونُكتًا (٥) في الإشارة إلى علل القراءات فيه، في ورقات يصغر حجمها ويكثر غنمها، والأيام تمطلني بصروفها على اختلاف صنوفها، إلى أن شدد علي خناق التقاضي قوم لهم في العلم سابقة، وفي التحقيق همم صادقة، فسمحت قرونتي (٦) بعد الإباء، وذلت

(١) في (ب): (ليس).
(٢) في (أ)، (ج): (وتتناوب)، وأثبت ما في (ب): لأنه أصح في السياق.
(٣) في (ب): (معاني)، وفي (أ): مطموسة.
(٤) في (ب): (وفِقْرًا): بزيادة واو مع سكون القاف. في "تهذيب اللغة" (الفقر: خرزات الظهر، الواحدة فقرة ٣/ ٣ فقر)، وفي "الصحاح" (أجود بيت في القصيدة يسمى فقرة تشبيها بفقرة الظهر)، ٢/ ٧٨٢، وفي "اللسان": الفقرة: العلم من جبل أو هدف ونحوه، ٦/ ٣٤٤٧، وفي "المعجم الوسيط": الفقرة: جملة من كلام، أو جزء من موضوع، أو شطر من بيت شعر، ٢/ ٦٩٧.
(٥) النكتة: كالنقطة، وهي شبه وقرة في العين وشبه وسخ في المرآة، ونكتة سوداء في شيء صاف، انظر: "تهذيب اللغة" (نكت): ٤/ ٣٦٥٨، "الصحاح" ١/ ٢٦٩، "اللسان" ٢/ ١٠٠، قال في "المعجم الوسيط": النكتة: المسألة العلمية الدقيقة يتوصل إليها بدقة وإنعام فكر، ٢/ ٩٥٩.
(٦) في (ب): (عروسى) بدون نقط.
(القرونة) النفس، في "الصحاح" يقال: أسمحت قرينه وقرونه وقرونته وقرينته، أي: ذلت نفسه وتابعته على الأمر. "الصحاح" (قرن) ٦/ ٢١٨٢، وانظر: "اللسان" ٦/ ٣٦١٢.


الصفحة التالية
Icon