فحرمته لا تضاع (١)، وسوامه (٢) لا تراع، ولن يخلو (٣) الشيء الفاضل (٤) في جنسه عن (٥) عزته في نفسه، وإن قل من يعتامه (٦) وعز من يطلبه ويستامه.
هؤلاء شكوا إليَّ: غلظ حجم المصنفات في التفسير، وإن الواحدة منها تستغرق (٧) العمر كتابتها، ويستنزف الروح سماعها وقراءتها، ثم صاحبها بعد أن أنفق العمر على تحصيلها، ليس يحظى منها بطائل تعظم عائدته، وتعود عليه فائدته. فقلت: إن طريق معرفة تفسير كلام الله تعالى تعلم النحو والأدب فإنهما عمدتاه، وإحكام أصولهما، وتتبع مناهج لغات العرب (٨) فيما تحويه (٩) من الاستعارات الباهرة، والأمثال النادرة، والتشبيهات (١٠) البديعة، والملاحن (١١) الغريبة، والدلالة باللفظ اليسير على المعنى الكثير، مما لا يوجد مثله في سائر اللغات.

(١) لا تضاع. الضياع: الإهمال، ضاع الشيء يضيع ضيعة وضياعا: هلك. انظر: "الصحاح" (ضيع): ٣/ ١٢٥٢، "اللسان" ٥/ ٢٦٢٥.
(٢) السوام: كل ما رعى من المال في الفلوات إذا خلي يرعى حيث شاء. "اللسان" (سوم): ١٢/ ٣١١، "القاموس" ص ١١٢٤.
(٣) في (ج): (يحسو).
(٤) (الفاضل): ساقط من (ج).
(٥) في (ج): (من).
(٦) في (ب): (يقبانه). (اعتام يعتام) إذا اختار وأخذ. انظر: "اللسان" (عيم): ٥/ ٣١٩٥، "القاموس" ص ١١٤٢.
(٧) في (ب): (يستغرق).
(٨) في (ب): (العزب).
(٩) في (أ): (يحويه)، في (ب)، (ج): غير منقوطة.
(١٠) في (ب): (التشبهات).
(١١) يدخل تحت قوله (الملاحن) بعض أنواع البلاغة كالكناية والتعريض، واللحن: صرف الكلام عن التصريح إلى التعريض لغرض صحيح، يقول الراغب الأصفهاني:=


الصفحة التالية
Icon