وما ليس كذلك، كما أن فهم اللفظ القرآني متوقف على معرفة اللغة والنحو وأصول كلام العرب، ولا بد أن يعرف القراءات وعلوم القرآن وهكذا.
ولقد كان ذلك دافعاً قوياً للواحدي ليحكم الأصول كما قال في مقدمة كتابه "البسيط": "... وأظنني لم آل جهدًا في إحكام أصول هذا العلم على حسب ما يليق بزماننا هذا ويسعه سنو عمري على قلة أعدادها، فقد وفق الله تعالى، وله الحمد، حتى اقتبست كل ما احتجت إليه في هذا الباب من مظانه وأخذته من معادنه، أما اللغة فقد درستها على الشيخ أبي الفضل أحمد بن محمد بن عبد الله بن يوسف العروضي، رحمه الله.. " (١).
وتحدث بعد ذلك عن أخذه النحو والقراءات والتفسير.
ويؤكد كلامه بقوله: ".. ولئن استغنى علم عن الأدب فمن ضرورة التفسير وعلم القرآن: الأدب، ومعرفة اللغة العربية.. " (٢).
وكان للواحدي مشاركة في سائر العلوم. ففي السنة أخذ عن كبار المحدثين وأدرك الإسناد العالي (٣)، وقال عنه ابن تغري بردي: "كان إماماً عالماً بارعاً محدثاً" (٤)، وكتابه "أسباب النزول" يشهد بمكانته في هذا الفن. على أنه لم يصل فيها إلى المستوى الذي وصل إليه في اللغة والتفسير، ولهذا روى بعض الأحاديث الضعيفة والموضوعة وسيأتي تفصيل هذه المسألة عند الحديث عن منهجه في التفسير في كتابه "البسيط".
أما الفقه فيعتبر أحد أعلام مذهب الإِمام الشافعي وتوجد ترجمته في

(١) مقدمة "البسيط" ص ٤١٧.
(٢) مقدمة "البسيط" ص ٤١٠.
(٣) انظر: "المنتخب من السياق" ل ١١٤ أ، و"إنباه الرواة" ٢/ ١٢٣.
(٤) انظر: "النجوم الزاهرة" ٥/ ١٠٤.


الصفحة التالية
Icon