لم يعرف تفسير كل حرف على حدته، وما وضع له ذلك اللفظ.
وكذلك قوله:

وَمَا ذَرَفَتْ عَيْنَاكِ إلَّا لِتَضرِبِي بِسَهْمَيْكِ فِي أَعْشَارِ قَلْبٍ مُقَتَّلِ (١)
معنى هذا البيت أنه يقول لامرأة: ما بكيت إلى لتأخذي بمجامع قلبي، فمن (٢) عرف هذا فقد عرف معنى البيت، لكنه إنما عرفه من قول من عبر عن مراد الشاعر بهذا لا من قول الشاعر. ودون أن تعرف وضع ألفاظه، والمراد بكل حرف منه: خرط القتاد (٣).
وعلى هذا النحو جميع كلام العرب، مثل قولهم: (أبى الحقين العذرة) (٤) يضرب لمن يعتذر، وظاهر حاله يكذبه، ومعرفة هذا المعنى لا
(١) (ذرفت) دمعت، (الأعشار): القطع والكسور، يقول: ما بكيت إلا لتجرحي قلبا مكسرا، ولم تبكي لأنك مظلومة، واختار الأزهري في معنى البيت ما ذكره أحمد بن يحيى، وهو: أن المراد (بسهميك) سهمي قداح الميسر، ويكون المعنى: أنها ضربت بسهامها على قلبه فخرج لها السهمان المعلى والرقيب، إذا فاز الرجل بهما غلب على الجزور كلها، فهي غلبته على قلبه كله.
ورد البيت في "التهذيب" (عشر) ٣/ ٢٤٤٧، و (قتل) ٣/ ٢٨٨٤، "معجم مقاييس اللغة" (عشر) ٤/ ٣٢٦، و (قتل) ٥/ ٥٧، "المخصص" ٥/ ٥٣، "مجمل اللغة" (عشر) ٣/ ٦٧٠، و (قتل) ٣/ ٧٤٣، "شرح القصائد المشهورات" للنحاس ص ١٦، "اللسان" (قتل) ٦/ ٣٥٣٠، "ديوان امرئ القيس" ص ١١٤.
(٢) في (ب): (لمن).
(٣) في المثل (دونه خرط القتاد): والقتاد شجر له شوك، والخرط: أن تمر يدك على القتادة من أعلاها إلى أسفلها حتى ينثر شوكها، والمثل يضرب للأمر الشاق.
انظر: "المستقصى في أمثال العرب" ٢/ ٨٢، و ٣/ ٣٤٢ (قتد).
(٤) الحقين: اللبن المحقون، العذرة: العذر. المثل في قوم اعتذروا إلى ضيف ولهم لبن، فقال: لا يسوغ اللبن معذرتكم. وقيل: المثل في رجل حقن إهالة (الودك المذاب) وزعم لضيف أنها سمن، فلما صبها جعل يعتذر فقال الضيف: أبي الحقين العذرة. =


الصفحة التالية
Icon