بِالْإِثْمِ} [البقرة: ٢٠٦] قال قتادة: إذا قيل له: مهلًا مهلًا (١)، ازداد إقدامًا على المعصية (٢).
فمن أين لك أن تعرف هذا (٣) المعنى من لفظ الآية؟ إلى بعد الجهد وطول التفكر.
وكذلك قوله: ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ﴾ [آل عمران: ١٧٥]. قال السدي: يعظم أولياءه في صدوركم (٤). فانظر، هل يمكنك أن تفرغ هذا المعنى في قالب (٥) هذِه الألفاظ إلى بعد التعب في معرفة ما ذكره أرباب النحو؟ وكذلك قوله: ﴿وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (٧١)﴾ [الفرقان: ٧١] تدبر هل تعرف صحة هذِه الألفاظ واستواء نظمها مما ذكره المفسرون؟ وهل يحسن أن يقال: من قام فإنه يقوم، ومن ركب فإنه يركب (٦)؟ وعلى هذا

(١) (مهلا): ساقطة من (ب).
(٢) ذكره المؤلف في "الوسيط" ١/ ٣٠٣، و"تفسير القرطبي" ٣/ ١٩، ولم أجده في غيرهما عن قتادة فيما اطلعت عليه، والله أعلم.
(٣) في (ب): (بهذا).
(٤) ذكره الطبري في "تفسيره" ٤/ ١٨٤، والبغوي ٢/ ١٣٩، ونحوه في "تفسير القرطبي" عن ابن عباس وذكر عن السدي قولا آخر ٤/ ٢٨٢.
(٥) في (ج): (قال).
(٦) لا يحسن أن يقال: من قام فإنه يقوم، لأنه تكرار لا معنى له. انظر: "تفسير القرطبي" ١٣/ ٧٩. أما الآية فقد ذكر المفسرون في معنى التوبة في الآية الثانية أقوالا منها: قال ابن عباس: من آمن من أهل مكة ولم يكن قتل وزنى.. فهي توبة عن غير الذنوب المذكورة في الآية، من القتل والزنى، وقيل. الأولى فيمن تاب من المشركين، والثانية فيمن تاب من المسلمين، وقيل: المراد تأكيد أن التوبة لا تنفع إلا بالعمل الصالح، فيتوب متابا، أي: حق التوبة، وقيل: من صدقت توبته يوفقه الله للاستمرار عليها، وفي الآية أقوال أخرى.
انظر: "تفسير البغوي" ١٩/ ٩٧ - ٩٨، "زاد المسير" ٨/ ١٠٦، "تفسير القرطبي" ١٣/ ٧٩.


الصفحة التالية
Icon