غير أن المتأخر بلطيف حيلته (١)، ودقيق (٢) فطنته، يلتقط الدرر ويجمع الغرر، فينظمها كالعقد على صدر الكعاب (٣)، يروق المتأملين (٤)، ويؤنق الناظرين (٥)، فيستحق به في الأولى حمد الحامدين، وفي العقبى ثواب رب العالمين.
وأظنني لم آل جهدًا في إحكام أصول هذا العلم، على حسب ما يليق بزماننا هذا، ويسعه سنو عمري على قلة أعدادها، فقد وفق الله تعالى وله الحمد، حتى اقتبست كل ما احتجت إليه في هذا الباب من مظانه، وأخذته من (٦) معادنه.
أما (اللغة): فقد درستها على الشيخ أبي الفضل أحمد بن محمد بن عبدالله بن يوسف العروضي (٧) (٨) رحمه الله، وكان قد خنق التسعين (٩) في خدمة الأدب، وأدرك المشايخ الكبار، وقرأ عليهم وروى عنهم كأبي منصور الأزهري (١٠)، روى عنه كتاب "التهذيب" (١١) وغيره من الكتب، وأدرك أبا

(١) في (ب): (جبلته).
(٢) في (ج): (رقيق).
(٣) الكاعب: الجارية إذا نهد ثديها، وجمعها كواعب، كما قال الله تعالى: ﴿وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا﴾ [النبأ: ٣٣] وعن ثعلب: كعاب. انظر: "اللسان" (كعب) ٧/ ٣٨٨٨.
(٤) الروق: الإعجاب، أي: يعجب المتأملين. انظر: "تهذيب اللغة" (راق) ٢/ ١٣٢٩، "اللسان" (روق): ٣/ ١٧٨٠.
(٥) الأنق: الإعجاب بالشيء، قد آنقني الشيء ويؤنقني إيناقًا، وإنه لأنيق مؤنق، لكل شيء أعجبك حسنه. "تهذيب اللغة" (أنق) ١/ ٢١٩، "اللسان" (أنق) ١/ ١٥٣.
(٦) في (ب): (في).
(٧) في (ج): (المعروضي).
(٨) سبقت ترجمته مع شيوخ الواحدي.
(٩) (خنق التسعين): كاد يبلغها، انظر: "القاموس المحيط" (خنق): ص ٨٨١.
(١٠) سبقت ترجمته عند الحديث عن مصادر الواحدي في "البسيط".
(١١) هو كتاب "تهذيب اللغة" للأزهري، سبق ذكره في مصادر الواحدي في "البسيط".


الصفحة التالية
Icon